أما الهروي فهو أول من جمع بين غريب القرآن وغريب الحديث، وسمى كتابه (كتاب الغريبين) "ورتبه مقفى على حروف المعجم على وضح لم يسبق في غريب القرآن والحديث إليه" كما يقول ابن الأثير في مقدمة النهاية (١)، واشترط في كتابه الاختصار، فقلل الشواهد، وحذف الأسانيد. واستدرك على كتاب الهروي الحافظ أبو موسى المديني (ت ٥٨١ هـ) في كتابه (المجموع المغيث في غريب القرآن والحديث) ورتبه حسب ترتيب كتاب المهروي (٢).
أما كتاب المفردات للراغب الأصفهاني (ت نحو ٤١٢ هـ) فله مكانة مرموقة بين مؤلفات هذا الفن، وقد عده الزركشي من أحسن كتب الغريب (٣)، وقال فيه الفيروزابادي: "لا نظير له في معناه" (٤). وهو "أشبه ما يكون بمعجم كامل للألفاظ القرآنية" (٥)، وقد رتبه الراغب على حروف المعجم معتبراً فيه أوائل الحروف الأصلية دون الزوائد، ولكن لم يراع ترتيب الحرف الثاني والحرف الثالث من الكلمة. ومنهجه فيه أنه يذكر أولاً المعنى الأصلي للمادة ثم يتتبع دورانها في القرآن الكريم فيورد الآيات التي وردت فيها مشتقاتها ويبين مناسبة المعاني المستعارة بالمعنى الأصلي. وعلى الرغم من أن الراغب ذكر في المقدمة أنه استخار الله تعالى "في إملاء كتاب مستوفىً فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي"، أغفل ألفاظاً عديدة، نحو (زبن) و (كلح) و (هلع) و (سردق) أو أخل في تفسيرها، كما ذكر مواد لم ترد في القرآن الكريم نحو مادة (زعق). فألف شهاب الدين أحمد بن يوسف الشهير بالسمين الحلبي (ت ٧٥٦ هـ) كتاب (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) وبناه على كتاب الراغب، ثم زاد عليه زيادات كثيرة حسنة، مع إتقان الترتيب وإيراد الشواهد
(٢) صدر بتحقيق عبد الكريم العزباوي من جامعة أم القرى سنة ١٤٠٦ هـ.
(٣) البرهان في علوم القرآن ١٢: ٢٩١.
(٤) البلغة: ٩١.
(٥) المعجم العربي ١: ٤٤.