أن نتحدث عنه، إذ لم تظفر مادة الكتاب من جهد المؤلف في دراستها والنظر فيها والاحتجاج عليها بما كان يتوخاه. وكثير من نصوصه لا تعدو أن تكون بمنزلة مذكرات وإشارات، كما تبين من الفقرة السابقة. ولكن مع ذلك لا نرى بأساً في الإشارة إلى الملامح البارزة لمنهجه في تفسير الألفاظ والمصادر التي يعتمد عليها، وطريقته في الاستشهاد، في ضوء ما فسره من ألفاظ وما بينه من أصول في هذا الكتاب وغيره.
١ - لم يقصد المؤلف بتأليف هذا الكتاب -كما سبق- أن يكون معجماً شاملاً لألفاظ القرآن، وإنما أفرده لتفسير الألفاظ التي وقع فيها نوع من الإشكال فرآها بحاجة إلى فضل بيان. واقتضى ذلك أن يرجع في تحقيقها إلى منابع اللغة الأولى، فيتتبع استعمالها في القرآن الكريم وكلام العرب القديم، وينظر في أصلها ومشتقاتها، واستعمالها في اللغة العبرانية وغيرها من أخوات العربية. وقد أشار إلى منهجه هذا في تذكرة وردت في أول الكتاب، فقال: "إذا اشتبه المعنى فطريق التوضيح تتبع استعمال لفظه، كما فعلنا بلفظ (عصر) و (آلاء)، والنظر في أصله واستعماله في أخوات العربية كالعبرانية والسريانية".
أما المعاني الشرعية كالصلاة والزكاة والحج، فقد نص المؤلف في تذكرة كتبها في الورقة الأولى من المسودة على أنها تؤخذ من استعمال القرآن، فالقرآن أصل هذه المعاني، وليست هي أصلاً للقرآن، وصرح كذلك في مقدمة تفسيره عندما ذكر مصادره اللسانية بأن المصطلحات الشرعية قد حفظها الله تعالى بالسنة العملية المتواترة، فالمرجع فيها إلى القرآن والسنة. ثم قال: "فأما في سائر الألفاظ فالمأخذ فيه كلام العرب القديم والقرآن نفسه" (١).
فالمصدر الأول في تفسير المفردات هو القرآن الكريم سواء في تحقيق أصل المعنى أم وجوهه وأحواله المختلفة أم تبين الفروق الدقيقة بين الألفاظ التي يظن أنها مترادفة، وذلك بتدبر سياقاتها ومواقعها.