وقال الحسن: آدم وحواء والوسوسة.
قال: (ابن عرفة: أي عدو الوسوسة). وقال غيره: والحية. لأن إبليس قد كان إهبط.
قال: وإذا قلنا: (إنّ) الأمر لآدم وحواء وإبليس، فيكون في الآية دليل على جواز إطلاق (لفظ البعض) على أكثر من النصف.
قوله تعالى: ﴿فتلقىءَادَمُ... ﴾.
معطوف على قلنا: والفاء للتعقيب أي (يعقب) إن قلنا له ذلك تلقّى فهي إشارة إلى سرعة إلهام الله تعالى له المبادرة بالتوبة.
قال ابن عطية: تلقاها إما بإقباله عليها أو إلهامه إليها.
قال ابن عرفة: والإلهام إما حضور ذلك (بباله) من (غير) تكلّف نظر أو علمه بها بعد تكلّف النّظر. قال: والتفعل يقتضي إمّا (تكلف) الفعل بمشقة وإما للتَّناهِي إلى أعلى درجاته وهو هنا يحتمل الأمرين وتقدم المجرور للتشريف.
وقرأ ابن كثير: «آدَمَ» بالنّصب «وكَلِمَاتٌ» بالرفع.
قال ابن عرفة: قراءة الجماعة بالرّفع ظاهرة لأنه هو فاعل التلقي (فكلفه) التلقي والقصد إليه و (إمعان) النظر (فيه ظاهر)، وأمّا قراءءة ابن كثير فتقتضي أن آدم عليه السلام أتاه التلقي هجما من غير نظر، فيمكن (فهمه) على أنه أتته أَوَائِل درجات النظر بالبديهة لأن المعقولات فرع المحسوسات، فأول درجات النظر مدرك معلوم بالبديهة لا يفتقر إلى تقدم شيء قبله (لئلا) يلزم عليه التسلسل، وتنكير «كلمات» للتشريف والتعظيم كما قال الزمخشري في قوله تعالى: ﴿والفجر وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ وقال: نكّرت لأنّها معيّنات معلومات فرد عليه/ بمنافاة التنكير للتعيين. وأجيب بأنها لشرفها وعظمها صارت معلومات في الذهن فلم تحتج إلى تعريف وكذلك هنا.
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التواب الرحيم﴾
تنبيه على أن توبته (لا تخص آدم) بل توبته ورحمته عامة.
قوله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدىً... ﴾
قال الزمخشري: إن قلت لم جِيءَ بكلمة الشك وإتيان الهدى كائن لا محالة لوجوبه، قلت: فائدته الإعلام (بأن الإيمان) بالله (وتوحيده) لا يشترط فيه بعثة الرسل؟
قال ابن عرفة: هذا السؤال إنما يرد على مذهبه لأنه يقول: إنّ إرسال الرّسل واجب عقلا. وجوابه ضعيف، بل هو مؤكد للسؤال (وبيانه) أن يقول: إتيان الهُدى محقق الوقوع إمَّا من جهة العقل المقتضي لوجوب بعثة الرسل، (أو) من جهة (الوجود) الخارجي لأن التوحيد موجود (فإتيان) الهدى محقق.
قال: فحقه (كان) أن يجيب بما (عادته) أن (يجيب) به. وهو أنّ هذا على عادة الملوك (في


الصفحة التالية
Icon