واستشكل الغزالي (في الإحياء) قولهم: أَرْحَمُ الرّاحمِينَ مع أن الكفار في جهنم لم تصلهم رحمة بوجه، وهنالك قال: ما في الإمكان (أبدع) مما كان. وانتقدها الناس عليه.
وأجاب ابن عرفة: عن الإشكال بأن ذلك باعتبار مراعاة جميع الصفات لله تعالى لأن من صفاته - شديد العقاب - وذلك صادق بعذاب أهل النَار ونعيم أهل الجنة. فرحمته (هي) أشد الرحمة، وعقابه هو أشد العقاب.
وعادتهم يخطئون الغزالي في هذه المسألة، ويقولون: كل عذاب فالعقل يجوز أن يكون أشد منه في الوجود، وكل نعيم فالعقل يجوز أن يكون هناك أحسن منه.
قال الزمخشري: فإن قلت ما معنى وصفه (بالرحمة ومعناها العطف والحنو ومنه) الرّحم لانعطافها على ما فيها. قلت: هو مجاز على إنعامه على عباده. قال ابن عرفة: قالوا كل مجاز لا بد له من حقيقة الاّ هذا فإن الرحمة هي العطف (والحنو)، وذلك (ما هو) حقيقته إلا في الأجسام وتقرر أن غير الله لا يطلق عليه اسم الرحمان فهو مجاز لا حقيقة له.
وتكلم ابن عطية هنا في الاسم هل هو عين المسمى أو غيره؟
قال الفخر ابن الخطيب في نهاية العقول: المشهور عن أصحابنا أنّ الاسم هو المسمى، وعن المعتزلة أنه التسمية، وعن الغزالي أنه مغاير لهما، والناس طوّلوا في هذا وهو عندي (فضول) لأن البحث عن ذلك مسبوق بتصور ماهية الاسم وماهية المسمى، فالاسم هو الاسم الدال بالوضع لمعنى من غير زمان والمسمى هو وضع ذلك اللفظ بإزائه، فقد يكون اللفظ غير المسمى لعلمنا أن لفظ الجواز مغاير لحقيقة (المجاز)، وقد يكون نفسه لأن لفظ الاسم اسم (للفظ) الدال على المعنى المجرد (عن) الزمان، ومن جملة تلك الألفاظ (لفظ) الاسم، فيكون الاسم اسما لنفسه من حيث هو اسم. وقال غيره: إنّ السؤال (سفسطة).
وقال الآمدي (في أبكار الأفكار)، وهو أحسن من تكلم عليه لأن المسألة لها تعلق باللغة (وتعلق بأصول الدين) أما اللغة فمن حيث إطلاق لفظ (الاسم) هل المراد به الذات فيكون الاسم (هو)