من لفظ «على» لاقتضائها الاستعلاء والاستيلاء.
فإن قلت: ما الفائدة في قوله: ﴿كَمَا حَمَلْتَهُ﴾ ولو أسقط «كما» (احتمل) المعنى، وإسقاطه كان يكون أتمّ وأبلغ لأن نفي «إِصْرا» مطلق أبلغ منه مقيدا؟
(قال) ابن عرفة: وعادتهم (يجيبون) بأن الدعاء حالة الخوف مظنة الإجابة فهو فيه أقوى (منها) حالة عدم الخوف لأن الخوف أقرب لمقام التضرع والالتجاء. فذكر عقوبة من مضى في هذا مما يزيد في الخوف ويقوي فيه العبودية والتضرع والالتجاء.
قال ابن عطية: ولا خلاف أن المراد ب ﴿الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا﴾ اليهود.
ابن عرفة: لأن (تكاليفهم) والتشديد الواقع في شريعتهم أكثر من النصارى وغيرهم، قال الضحاك: اليهود والنصارى.
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ... ﴾.
تقدم إما أنه راجع لأمور الآخرة أو للتكاليف الدنيوية فإن كان للآخرة فهو تأسيس وإن كان للدنيا فهو تأكيد، إن أريد بما لاَ طاقة لنا به الحقيقة وهو ما ليس في قدرة البشر لأن الدعاء لنفي (الإصر) يستلزم الدعاء بنفي ما فوقه، وإن أريد به المجاز كما أشار إليه ابن عطية في أحد التفاسير من أنّه الأمر المستصعب وإن (كانت) تطيقه فيكون تأسيسا.
قوله تعالى: ﴿واعف عَنَّا... ﴾ الآية.
قال ابن عرفة: وجه الترتيب هذا أن العفو عبارة عن عدم المؤاخذة بالذّنب، وما يلزم من الدعاء برفع (الأمر) الذي في قدرة البشر بمشقة أو الخارجة عن قدرة (البشر)، عدم المؤاخذة بالذنب. ثم عقبه بالمغفرة لأنه لا يلزم من عدم المؤاخذة ستر ولأنه قد لا يؤاخذه به ويظهره عليه، ثم عقبه بالرّحمة لأنّ العفو والمغفرة من باب دفع المؤلم والرحمة من باب جلب الملائم، فدفع المؤلم آكد وأولى من جلب الملائم ونحوه لابن الخطيب.
قال ابن عطية: وقال سلام بن سابور الذي لا طاقة لنا به الغُلْمةُ.
وروي أَن أبا الدرداء كان يقول في دعائه: وأعوذ بك من غلمة ليس لها عدة.
ابن عرفة: الغلمة (هي) قوله: أنت مولانا فانصرنا.
الزمخشري: أي سيدنا وناصرنا ومتولي أمرنا ومالكنا.
ابن عرفة: السيد والناصر إطلاقه عليهما من قبيل المشترك والمتولي والمالك ينبغي أن يحمل على أن المراد الأخص منهما ليدخل تحت الأعم من باب أحرى.