راجع لما فيها من الطلب والتكاليف بالأوامر والنواهي، لأن التصديق والتكذيب إنما هو من خواص الخبر، فقد قيل لابن عطية: أو يكون مصدقا لجميعها، أو يكون قوله: (وَلأُحِلَّ لَكُم) دليل على أن ذلك بالفعل لئلا يكون ذلك نسخا وهو بيان انتهاء أحد الحكم واليهود ينكرونه لئلا يلزم عليه البداء وهو باطل.
أو هو قوله: (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) دليل على التصديق بالفعل؛ لأن المجيء فعلي قالوا: وبعض هنا عند أبي عبيدة بمعنى كل وهو مردود من وجوه:
أحدها: تفريق المبالغة بين القضية الكلية بأن سورها كل، والجزئية سورها بعض، أو ليس بعض الإنسان إنسانا أحل لهم ما حرم عليهم، ابن عطية: قال ابن جريج: قال: [أحل*] لهم لحوم الإبل والشحوم، زاد الربيع وأشياء من السمك وما لا مخلب له من الطير وكانت في التوراة محرمة، ابن عطية: أي مما لَا مخلب له من الطير.
قوله تعالى: (وَلأُحِلَّ لَكم).
قال الزمخشري: رد على قوله: (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) جاز ويجوز أن يكون، ومصدقا أيضا مردودا عليه، ورده أبو حيان بأن (بِآيَةٍ) في موضع الحال، (وَلأُحِلَّ) تعليل ولا يصح التعليل على الحال، كان العطف بالحرف المشترك في الحكم موجب التشريك في جنس المعطوف عليه، بأن عطف على مصدر متوهم، أو مفعول به، أو ظرف، أو حال، أو تعليل، أو غير ذلك مشاركة بنفي ذلك المعطوف، وابن عرفة: لما ذكر ابن بشير الخلاف هل هو حدث، أو سبب الحدث؟ قال: احتج من قال أنه حدث بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عد موجبات الوضوء ذكر فيها النوم، وعطفه على البول، والغائط، واختلف الأصوليون في العطف هل يفيد التشريك في المعنى كما يفيده في الإعراب أو لا.
ابن عرفة: فمنهم من أنكر الخلاف؛ لأن العطف بالواو، وأجيب: بأن هذا الخلاف فيما إذا قيدا أحد المعطوفين بوصف، أو حكم من الأحكام هل يقتضي العطف تقييد الآخر به أم لَا؟ ابن عرفة: أنه يلزم إذا قلت: قام زيد العدل وعمرو أن يكون عمرو متصفا بالعدالة وهو مراد أبو حيان: وهو ضعيف.
قوله تعالى: (مِنْ رَبِّكُمْ)).
أضاف الرب إليهم؛ لأنه في مقام تكرير النعمة عليهم ليستألفهم للإيمان.