والثانية: هل المعدوم تقرر في الأزل أم لا؟
فذهب المعتزلة إلى أنّ له تقررا في الأزل ويلزمهم الكفر وقدم العالم.
قال الزمخشري: (في) أن الشيء يطلق على الممكن والمستحيل.
وظاهر الآية حجة المعتزلة لأنه لو كان المراد أن الله على كل (شيء) موجودٍ قديرٌ للزم تحصيل الحاصل.
فإن قلت: يصح تعليق القدرة بالموجود عند من (يقول): إن (العَرض) لا يبقى زمانين؟
(قلت): إن كانت القدرة متعلقة (بالعرض الموجود) فيلزم تحصيل الحاصل، وإن تعلقت بإيجاد العرض الذي يخلقه (هو) حين التعلق معدوم فيلزم تعلقها بالمعدوم.
قلت: وأجيب بثلاثة أوجه:
الجواب الأول: أجاب القرافي في شرح الأربعين لابن الخطيب بأن المشتق كاسم الفاعل لا خلاف في صحة (صدقه)
حقيقة في الحال (مجاز) في الاستقبال. (واختلفوا) في صدقه عن الماضي. قال: هذا إذا كان (محكوما) به، وأما إذا كان متعلق الحكم فلا خلاف في صحة صدقه على الأزمنة الثلاثة حقيقة (نحو القائم في الدار) (قال): وكذلك لفظة شيء إن كان محكوما به كقولنا: المعدوم شيء، ففيه التفصيل المتقدم، وإن كان متعلق الحكم كهذه الآية فلا خلاف أنه يصدق على المستقبل حقيقة.
الجواب الثاني: قال ابن عرفة: القدرة تتعلق بالممكن لعدم المقدر الموجود كما يفهم (من) معنى قوله تعالى ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ﴾ المراد من حصل منه الزنا (بالفعل)، ومن سيحصل منه الزنا يصدق عليه في الحال أنّه زان (باعتبار) على تقدير (وجوده)، وهذا كما (يقول) المنطقيون: القضية الخارجية والقضية الحقيقية ويجعلون (القضية) الخارجية عامة في الأزمنة الثلاثة مثل كل أسود مجمع للبصر وكل أبيض (مفرق) للبصر. والمراد (به) كل موصوف بالسّواد مطلقا في الماضي والحال والاستقبال.
فإن قلت: (هلا) يلزمكم تخصيصه بالممكن الذي علم الله تعالى أنه يوجد ولا (يصدق) (على الممكن الذي علم الله) أنه لا يوجد؟
قلنا: نعم وصح إطلاق الحدوث عليه لأن الآية خطاب للعوام ولو كان خطابا للخواص لتناولت الممكن بالإطلاق الذي علم لله أنه (لم يوجد) فالمراد: الله قادر على كل شيء موجود لأن الخطاب للعوام. ونظيره الوجهان (المذكوران) في الاستدلال على


الصفحة التالية
Icon