ونظيره ما أجابوا به في قوله تعالى ﴿إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ لأن الشرط يخلص الفعل للاستقبال والمعنى يدل على أنه ماض.
قالوا: المراد أن (يقول) في المستقبل إني إن قلته فيما مضى فقد عملته فكذلك هنا. فإن قلت: لم عدلوا في قولك: إن قام زيد قام عمرو إلى لفظ الماضى والأصل أن يعبروا بالمستقبل لفظا ومعنى؟
قلت: إما لتحقيق قيامه في المستقبل حتى كأنه واقع أو التفاؤل بذلك أو للتنبيه على أن قيامه محبوب مراد وقوعه.
فإن قلت: (كان يلزمهم) أن يعبروا بإذا (موضع إن)؟
قلت: إذا لا تدخل إلا على المحقق وقوعه وإن تدخل على الممكن وقوعه، وعلى المحال مثل ﴿قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين﴾ فإن أعم من أن تكون في هذا وفي هذا.
قوله تعالى: ﴿فاتقوا النار التي وَقُودُهَا الناس والحجارة... ﴾
قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: هي حجارة الكبريت.
((قال) بن عرفة: معناه مقارنة الناس لها أي هي نار شديدة دائمة (حالة) حلول أجسامهم الرطبة فيها كما لو كان فيها) فإنها لا تزال أبدا تشتعل كاشتعال النّار في الوقود.
وقال الزمخشري: عرف النار هنا ونكرها في سورة التحريم لأن تلك الاية نزلت أولا بمكة وهذه نزلت بالمدينة بعد ما عرفوا (النار) وتقررت عندهم.
قيل لابن عرفة: هذا مردود بما تقدم للزمخشري عن ابراهيم بن علقمة ولابن عطية عن مجاهد أن كل شيء نزل فيه يا أيها الناس فهو مكي ويا أيها الذين آمنوا فهو مدني وصوب ابن عطية (قوله) في يا أيَهَا الَّذِينَ آمَنُوا بخلاف قوله في أيها الناس
فقال ابن عرفة: قال ابن عطية: ان سورة التحريم مدنية بإجماع لكن يقول الزّمخشري إن تلك الآية منها فقط نزلت بمكة، فيكون دليلا على تقدم نزولها على هذه وهو المراد.
قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الذينءَامَنُواْ... ﴾
قال الزمخشري: معطوف إما على ﴿فاتقوا النار﴾ أو على الجملة (كلها).
واعترض أبو حيّان الأول بأن «فاتقوا» جواب الشرط وموضعه جزم وبشر لا


الصفحة التالية
Icon