أنه الحق حالة وجود المخالف والمعاند (لهم) فيه فأحرى أن يعتقدوا صحته مع عدم المخالف.
قال ابن عرفة: وسلكوا في هذه العبارة طريق الجدل (عند الجدليين) لأنهم لو قالوا ذلك (أمرنا بالرد) عليهم، فالضرب في رجوعهم بالمباهتة والتبكيت.
(وأتوا) في الجواب بلفظ ظاهره الاستفهام ومعناه الإنكار كما يأتي المجادل المغلوب بلفظ (يموه به ويحيد به) عن الجواب.
وقوله: ﴿مَاذَآ أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً﴾ قال الزمخشري: فيه وجهان: إما أن (ذا) اسم موصول بمعنى الذي مرفوع على الابتداء أو خبره مع صلته، وإما أن (ماذا) كلمة واحدة كلها وهي في موضع نصب بأن إذا.
قال ابن عرفة: وكان ابن الحباب يحكى عن (بعضهم) أنه كان يقول في قوله تعالى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأولين﴾ (بالرفع: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتقوا مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً﴾ قال: النصب في جهة المؤمنين أرجح، والرفع للكافرين أرجح كما هو في الآية. ووجهه أنه حيده منهم عن الجواب لأن الكافرين لو نصبوا أساطير الأولين لكان المعنى أنزل) أساطير الأولين فيكونوا مقرين بالإنزال (وإذا) رفعوه فيكون المعنى هو أساطير الأولين، وحادوا عن الجواب على مقتضى السؤال والمؤمنون أجابوا على مقتضى السؤال فقالوا: أنزل خيرا فأقروا بالإنزال، وأنه خير في نفسه، فحصلوا المطلوب وزيادة. وكذلك (يجيء الرفع في هذه الآية أرجح في جهة الكافرين)، ويحتمل أن يكون «ماذا أراد الله» في موضع الحال، ويحتمل أن يوقف على «ماذا».
قال ابن عرفة: وَ «مَثَلا» إما تمييز أو حال، وإما منصوب على المخالفة كما قال ابن منصور في شرح مقربه لما (عدّ) المنصوبات.
قال ابن عطية: ومعنى كلامهم هذا الإنكار بلفظ الاستفهام.
وقال الزمخشري في قولهم «مَاذَا» استرذال واستحقار.
وقال ابن عرفة: (عادة) ابن المنير ينتقد عليه ذلك لأنه إساءة أدب لا بنبغي أن يفسر القرآن به ولا (يحكي) عن (الكافرين) في الكلام القبيح إلا ما هو نص كلامهم مثل ﴿وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾ قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً... ﴾