فقال: هذا يمكن لكن (الأثر) الذي أورده هنا أنّ الأرض خلقت كالفهر وعلاها الدخان فخلقت منه السماوات يرده ما ذكره الشيخ الزمخشري ونقله عن الحسن وللفخر في الأربعين في ذلك كلام طويل وليس فيه خبر صحيح.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ... ﴾
قال ابن عرفة: (﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ﴾ هذه لنا فيها وجه مناسبة لما قبلها) هو أنه لما قدم الامتنان عليهم بخلقهم وجعل الأرض لهم فراشا عقبه ببيان السبب فيهم وفي خلق أهلهم وهو آدم (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ).
وقرر الطيبي وجه المناسبة بأمرين إما أنه ترّق فمن عليهم بأمرين خلقهم ثم خلق أباهم آدم عليه السلام. ورده ابن عرفة بأنّه داخل في عموم قوله ﴿هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرض جَمِيعاً﴾ قال: فما المناسبة إلا ما (قلناه).
قال أبو حيان: والظرفية لازمة لإِذْ، إن يضاف إليها زمان نحو يَوْمَئِذٍ، ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ قال ابن عرفة: بل هو ظرف مطلقا إذ لا يمتنع إضافة الزمان وتكون من إضافة الأعم إلى الأخص أو الأخص إلى الأعم أو يكون بينهما عموم وخصوص من وجه دون وجه كقولك: جئتك في أول ساعة من يوم الجمعة فأول أخص من ساعة.
وذكر أبو حيّان في إعراب «إِذْ» ثمانية أقوال، رابعها أنه ظرف في موضع خبر المبتدأ (تقديره) ابتدأ خلقكم إِذْ قَالَ رَبُّكَ.
(ورده) ابن عرفة بأن زمن الابتداء ليس هو زمن هذه المقالة بل بعدها قال: فيكون الصواب أنّ تقديره (سبب) ابتداء خلقكم. قال: والأصح أن العامل فيها ﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ﴾.
قال ابن عرفة: يرد عليه أن قولهم ذلك إنما كان جوابا عن قوله تعالى ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً﴾ فليس مقارنا له بل هو بعده بلا شك إلا أن يقال: إن ما قارب الشيء (له) حكمه
وهذا مع قطع النظر عن الكلام القديم الأزلي لأنه يستحيل عليه الزمان ويستحيل نسبة (التقدم) والتأخر إليه.
ق ابن عطية: قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: كانت الجن قبل بني آدم (في الأرض) فأفسدوا، وسفكوا الدّماء، فبعث الله إليهم قبيلا من الملائكة، فقتلت بعضهم وهربت باقيهم، وحصروهم إلى البحار، ورؤوس الجبال، وجعل آدم وذريته خليفة.


الصفحة التالية
Icon