أنه ندم على تلمذة الغراب واتباعه إياه في تقليده له المواراة فيندم على المواراة الموجبة لتلمذة الغراب.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... (٣٣)﴾
قال ابن عرفة: أي يحاربون عباد الله فهو على حذف مضاف، أو يكون عبر باسم الله تعالى على عباده تشريفا لهم وتعظيما لهم؛ لأجل محاربتهم لهم فيكون مجازا فيتعارض المجاز والإضمار، وفيها ثلاثة أقوال ثالثها لرضي الدين النيسابوري: أنهما سواء، ابن رشد: محاربة الله ورسوله عصيانهما بإضاقة السبيل هو السعي في الأرض فسادا هو المراد بعينها، ولكنه كرر تخيير لفظه تأكيدا وتعجبا، كقوله تعالى: حكاية عن يعقوب عليه السلام (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) والبث والحزن شيء واحد، وكقول الشاعر:
وهند أتى من دونها النأي والبعد
المحاربة مع الرسول ممكنة، ومحاربة الله لَا تمكن؛ فيحمل على أولياء الله، فيكون [يحاربون*] [قولا*] على الحقيقة والمجاز معا، وهو ممتنع، وأجيب بأن المعنى يخافون أحكام الله ورسوله، ابن عبد السلام: المتقدمون يذكرون الخلاف بين العلماء هل لفظة (أو) فيها [للتخيير] [ولَا ينسبون*] إلى مذهب التخيير وهو كذلك إلا أنهم إذا ذكروا التخيير، يقولون: إن الإمام لم يعين بعض هذه العقوبات بمجرد الهوى، ولكن على قدر الجناية، فيخرج التخيير عن حقيقته فيعود (أو) للتفصيل لبعض الأقوال على [أن*] في الآية ليست في التخيير.
قوله تعالى: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا).
عطف تفسيري مثل (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) قال ابن رشد في المقدمات في تلك الآية: أي ويسعون في الأرض فسادا بالحرابة فهو عظف أعم على أخص له ومقيد له لَا أنه يفيد أن السارق يقتل، وأن الظالم يقتل، قال ابن العربي: ووقعت مسألة في محارب حارب قوما وقاتلهم على امرأة ليتمكن من الزنا بها، وأفتى العلماء أنه غير محارب، قال: وهو جهل عظيم بالله وبالمسلمين، كيف يقال: هذا غير محارب مع أن مفسدة الزنا أشد من مفسدة أخذ المال، ورده ابن عرفة: بأنه لو حاربهم لقتلهم فقط لعداوة بينه وبينهم لم يكن محاربا


الصفحة التالية
Icon