(إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) قال أبو حيان: وقول من قال: إن الفصل ولو بلا يجوز للعطف على الضمير المتصل، مستدلا بقوله تعالى: (مَا أَشْرَكنَا وَلَا آبَاؤُنَا) غير صحيح لَا يشترط الفصل إلا بين المعطوف عليه وبين حرف العطف، ولا في قوله (وَلَا آبَاؤُنَا) وأتت (لَا بين) حرف العطف والمعطوف.
قال ابن عرفة: هذا لَا يصح؛ لأن سيبويه قد قال ويقول: زيد قام هو وعمرو لا يجوز العطف حتى يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وكلامه يقتضي الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه لَا بينه وبين حرف العطف، وقد وجه السراج لسيبويه العطف إلا بعد التأكيد أو الطول بأن الضمير لشدة اتصاله بالفعل صار كالجزء منه فلم يكن ثم ما يعطف عليه، ولا يشترط الفعل إلا قبل المعطوف لَا قبل حرف العطف، فإن لَا قبل المعطوف بعد ذلك حاصلا لكنه فيه وجه آخر يمنعه، وهو أن يكون أخذ العين بالعين وما بعده مرتبا على قتل النفس بالنفس فإِنه معطوف على ضمير وما هو خبر عنه وليس كذلك، قلت: وقال ابن عرفة في الختمة الأولى: (الْعَينَ بالعَينِ) قيل: حال، ورد أبو حيان بأنها حال لازمة والحال من شرطها الانتقال، وأَجاز ابن عرفة بأن النحاة أجازوا ضربني زيدا قائما، وأكثر السويق ملتوتا، وكلاهما لازمة.
قال ابن عرفة: وإنما رده عندي أنه يقتضي أن العين تبقى بالنفس؛ لأنك إذا قلت: قام زيد في الدار وعمرو، فالمعنى وعمرو في الدار وليس المعنى وعمرو في السوق.
قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
قلت: تقدم لابن عرفة فيها أن هذا أبلغ من أن لو قيل: من حكم بغير ما أنزل الله فإِن الآية تتناول من يحكم بالباطل وحكم بالحق، أو ترك الحكم وانظر هل المراد الحكم اللغوي فيتناول المعنى الظاهر عندي أن هذا الوعيد الخاص إنما هو للحاكم؛ لأنه يجبر الخصم على فعل ما حكم، والحكم به بخلاف المعنى.
قيل لابن عرفة: فمن حكم بالقياس، فقال: هو مما أنزل الله؛ لأنه يستند إلى المتبوع وجاء في الحديث ما يقتضي العمل به، قال أبو جعفر بن الزبير: فيها سؤالان:
الأول: قال في الأولى (فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، وفي الثانية (هُمُ الظَّالِمُونَ)، وفي الثالث (هُمُ الْفَاسِقُونَ).
الثاني: كيف ورد الأخف بعد الأثقل، وآية الوعيد يقصد فيها الترقي من الأخف إلى الأثقل ثم نقل عن بعضهم أنه أجاب عن الأول بأنه لما تقدمها (فَلا تَخشَوُا النَّاسَ