وَاخشَونِ) وعدم خشية الله تقصير فيما يجب وجحد الواجب له فعقبه بقوله (هُمُ الْكَافِرُونَ)، والثانية قبلها (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا) وهي حقوق متعلقة بالنفوس والوقوع فيها أظلم، قال: وأشار الزمخشري في [وجه*] الترتيب، بأن عددهم المرادون بهذه الأوصاف اليهود فالكافرون، والظالمون وصف لهم بالعتو في أمرهم حين ظلموا بالاستهانة وتمردوا، فالاستهانة شدة ظلمهم، وظلمهم المسبب عنها بعد كفرهم أشد من الكفر، ثم إن التمرد المعبر عنه في الآية بالمعنى الأشد من الاستهانة، لأن [التمرد*] يقتضي تعمد الفعل فهذا وجه الترقي في الوعيد، وأجاب [الفخر*] ابن الخطيب بأن الظلم في الآية الثانية واقع عن الكفر وزيادة الظلم فهو أشد من الكفر مجردا؛ لأن الأولى قبلها (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا) فلم يتقدمها غير مجرد ظلمهم لأنفسهم، والثانية فيها ظلمهم لأنفسهم ولغيرهم لمخالفتهم في القصاص فكانت أشد، ثم عقبها بالفسق؛ لأن الحكم بغير ما أنزل الله قد يقع من غير الكافر فجعل الظلم والكفر خاصا باليهود، والفسق يعمهم مع غيرهم، وأجاب الزبير بأنها كلها في اليهود لكن الأول كفر، والثاني كفر وظلم فهو أشد لكن الظلم يقع على الصغيرة والكبيرة، والفسق لم يرد في القرآن واقعا على صغيرة ونظيره ثابت، فالفسق كفر وظلم وزيادة لَا يقع إلا على المتوغل في الكفر، وقد وصف به إبليس فهو أشد.
قوله تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ... (٤٦)﴾
قال السهيلي: إنما [نعتت*] مريم في القرآن [بابنها بخلاف غيرها*]؛ لأن عادة العرب أن يجحدوا أسماء النساء الحرائر غيرة عليهن، ويعينون أسماء الإماء، وكان الكفار يعتقدون في مريم أنها زوجته، وأن عيسى [ولده*]، فعين اسمها رادا عليهم، ونسبها على أنها مملوكة لله عز وجل، فرده ابن عرفة بأن الأمة على نوعين: موطوءة، وغير موطوءة، قال: وإنما الجواب أنها [نعتت*] تشريفا لها.
قوله تعالى: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ... (٤٧)﴾
قال ابن عرفة: إن أريد الحكم حقيقة فيكون خطابا للخواص، وإن أريد العمل بذلك فيكون خطابا للعوام.
قوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا... (٤٨)﴾
قال ابن عرفة: يحتمل عندي أن يكون الشرعة الطريق، والمنهاج منهاجها ومقصدها الذي يوصل إليه.
قوله تعالى: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ).