تبليغ البعض، وهذا ينظر إلى قول مالك رحمه الله فيمن حلف أن يضرب عبده عشرة أسواط فضربه تسعة أنه يحنث وكأنه لم يضربه شيئا.
الجواب الرابع: قال ابن عرفة: كان بعضهم يجيب بأن المراد بما أنزل الله القرآن؛ لأنه رأس المعجزة، ودليل عليها وما سواه من المعجزات كلها مستند إليه ومدلولات له.
قوله تعالى: (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ).
أي: فإن لم تبلغ القرآن وبلغت ما سواه من المعجزات فلم تبلغ شيئا، وأخذوا من الآية صحة الدعاء بها؛ لأن المفسرين نصوا على أنه لم يكن معصوما قبل نزول هذه الآية، وعصم بعد نزولها مع إجماع النَّاس على أنه معصوم قبلها وبعدها، فدل على أن العصمة مقولة بالتشكيك، فالعصمة التي أعطي بنزول هذه الآية هي المنع من إذاية النَّاس له، والعصمة التي اختص بها مطلقا إنما هي أخص من هذه، فيصح الدعاء بها بالمعنى الثاني هو مطلق المنع، قالوا: والمراد بالنَّاس الكفار فهو عام مخصوص.
ابن عرفة: لَا مانع من أن يراد به العموم فيمكن إذاية المسلمين له كأبي بكر وعمر لكن على سبيل الخطأ، كما يضرب أحدنا طائرا فتصادف الضربة زيدا فالمراد عصمته من الإذاية وغير المقصودة.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
قالوا: الألف واللام إما للجنس وهو عام مخصوص.
قيل لابن عرفة: أو باق على عمومه بناء على أن العام في الأشخاص مطلق في الأزمنة والأحوال كخالد بن الوليد فإنه كان حينئذ كافرا ثم أسلم بعد ذلك، فقال: يلزمك تحصيل الحاصل إن الله لَا يهدي القوم الكافرين.
قال ابن عرفة: أو تكون الألف واللام للعهد، والمراد بها من علم الله أنه لا يؤمن.
قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ... (٦٨)﴾
قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: إن قلنا: إن العموم شرعا كالعموم جنسا لم يحتج إلى إضمار الصفة، وإن قلنا: إن العموم شرعا ليس كالعموم جنسا فلا بد من إضمار صفة تقديرها: لستم على شيء معتبر؛ لأنه شيء غير معتبر شرعا.
قوله تعالى: (حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ).


الصفحة التالية
Icon