قيل لابن عرفة: على هذا يكون نقيضه أنه يملك لبعضهم النفع والضر لكلهم؛ لأنها موجبة جزئية، فقال: القرينة تدل على التساوي، أم لَا فلو قيل: بالفرق ولا يخالفون هم في هذا ثم ذكرته له مرة أخرى، فقال: الإنصاف أن هذا تكليف.
السؤال الثالث: لم قال (وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) والمناسب هنا وصفه بالقدرة؛ لأن العلم والسمع إنما يناسبان من قصد التستر والاختفاء، وهؤلاء تعنتوا وتجوزوا، فما المناسب فيهم إلا العزة والانتقام والقدرة والمقدور، وتقدم الجواب بأنه من حذف التقابل، والتقدير: قل أتعبدون من دون الله ما لَا يملك لكم ضرا ولا نفعا ولا يسمع ولا يعلم، والله هو مالك الضر والنفع وهو السميع العليم.
قوله تعالى: ﴿قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا... (٧٧)﴾
إما أنه على حذف قد أو الفاء في الأول فقط وهو الظاهر.
قوله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ... (٧٨)﴾
قال ابن عرفة: هذا دليل على مفهوم الآية. لأنهم أيضا ملعونون على لسان سليمان وغيرهما من الأنبياء.
قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ).
قال ابن عرفة: هذه دليل على ما يقولون الأصوليون في تنقيح المناط وهو التعليل ببعض العلل دون بعض مع كون المتروك أظهر من المذكور [وأجلى*]، مثل: "لَا يقضي القاضي حين يقضي وهو غضبان"، فأخذوا منه أنه لَا يقضي عند شغل الخاطر وتشويشه إما [بنعاس*]، أو بجوع، أو شبع، أو خوف أو حزن، أو نحوه، وكذلك هذا إنما لعنوا لكفرهم بترك الموجب الأخص وعلل بأعمه وهو العصيان، كما ترك هنالك الأخص وهو الغضب وعلل بأعمه وهو التشويش، قال: وهذا دليل على أن العصيان يطلق على ترك المطلوب، لقوله (وَكَانُوا يَعتَدُونَ) فالاعتداء هو تجاوز الحدود ولا يلزم التكرار.
قوله تعالى: ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩)﴾
قال ابن عرفة: إن رجع إلى فعلهم المنكر فظاهر، وإن رجع إلى تركهم النهي عن المنكر تكون الآية دليل على أن الترك فعل، وإن ترك إلى الجميع فيكون غلب فيه جانب الفعل على جانب الترك.
قوله تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا... (٨٠)﴾


الصفحة التالية
Icon