قال ابن عرفة: والترتيب في الآية مناسب. لأن الإنسان في الصحة يغلب جانب الخوف، وهذا الاحتضار والإشراف على الموت يغلب جانب الرجاء والطمع.
قوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ... (٩٩)﴾
هي اجتناب فلا يتصور أنها مواعدة منسوخة بآية السيف بل هي حال عمن شهد شهادة.
قال ابن عرفة: فيه نظر؛ لأن الجهاد واجب على الرسول، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) فإن قلنا: إن الجهاد من التبليغ فلا تكون منسوخة، وإن قلنا: إنه ليس من التبليغ فالآية منسوخة، والأصل عدم النسخ.
قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ... (١٠٠)﴾
قال تقدمت مناقضتها.
بقوله تعالى: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
[دلت*] على أن الخبيث أقل من الطيب؛ لأن المميز من الشيء يكون أقل من ذلك الشيء، فتقدم الجواب بوجهين:
الأول: أن [**لِيَمِيزَ] جملة [فعلية*]، وهذه شرطية.
الثاني: أن الفرق بين التمييز والمميز فلا يلزم من قولك: ميزت الفول من الحمص، أن يكون الفول أقل من الحمص حتى يقول: أخرجت الفول من الحمص [فلفظ التمييز صادق*] على كل واحد منهما، قال: وكنت بحثت مع ابن عبد السلام فيها، وقلت له: هذه تدل على الترجيح بالكثرة في الشهادة؛ لأنهم اختلفوا إذا شهدته؛ [بأن*] يأمر وشهد عشرة عدول بضده، فالمشهور عندنا أن لَا فرق بين العشرة والعدلين وهما متكافئان، وفي المذهب قول آخر بالترجيح، فقوله تعالى: (وَلَو أَعجَبَكَ كَثرَةُ الْخَبِيثِ) يدل أن الكثرة لها اعتبار؛ بدليل أنها ما أسقطت هنا إلا الخبيث، قال: ثم وجدت ابن المنير ذكره بعينه، وكنت قلته من عندي ولم يوافقني عليه ابن عبد السلام بوجه.
قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).


الصفحة التالية
Icon