قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ... (١٠٨)﴾
قال ابن عرفة: أو هنا إما على بابها أو بمعنى الواو، فالمعنى أن شهدوا، وما إن كانت بمعنى الواو فهو من تقديم المسبب على سببه؛ أي: يخافوا فيأتوا بالشهادة على وجهها، وإن كانت على بابها فالمعنى: إما أن يشهدوا.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ).
جعله ابن عطية عاما مخصوصا، وإن جعلناها حقيقة، وقلنا المراد حين فسقهم فيكون فيه تحصيل الحال.
قال الزمخشري: لَا يهديهم في الآخرة إلى طريق الجنة، ففسرها على مذهبه؛ لأن الفاسق عنده في النار، وإما أن تقول المراد بالفاسق الكافر وتفسيرها بما قال.
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ... (١٠٩)﴾
قيل: العامل في يوم ما تقدم من قوله (لَا يَهْدِي).
ابن عطية: وهو ضعيف.
ابن عرفة: لأنه حمل الهداية على معناها الشرعي العرفي وهو الهداية المستلزمة للثواب والعقاب، وذلك إنما هو في الدنيا لأن يجازى به في الآخرة.
قيل له: إنما الهداية مجردة الإيمان، فقال: هي خلق الإيمان التكليفي والدار ليست بدار تكليف، وإن حملنا معنى الهداية على ما قال الزمخشري: [(لا يَهْدِي) أي لا يهديهم طريق الجنة يومئذ كما يفعل بغيرهم*]، فيصح أن يعمل في يوم، وقيل: العامل فيه اذكر.
ابن عرفة: لكن إن عمل فيه يهدي يكون يوما ظرفا، وإن عمل فيه اذكر يكون مفعولا به، وقيل: العامل فيه اسمعوا.
ابن عرفة: فهو على حذف مضاف، أي اسمعوا تلاوة يوم يجمع الله الرسل، واليوم في اللغة يراد به النهار والليل.
قال مالك في كتاب الإيمان من المدونة: فإذا حلف لَا كلمت فلانا اليوم أي لا يكلمه في النهار ولا في الليل إلا أن ينوي النهار وحده.
قال ابن عطية: وخص الرسل؛ لأنهم قادة الخلق وفي ضمن جمعهم جمع الخلائق، ابن عرفة: فجعل دلالته على جمع الخلائق دلالة أخرى وهي دلالة الالتزام


الصفحة التالية
Icon