ابن عطية: هو النفخ المعلوم من البشر، وإنما جعل الله الأمر هكذا ليظهر تلبس عيسى بالمعجزة وصدورها عنه، وهذا كطرح موسى العصا، وكإيراد محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم [القرآن*]، وهذا أحد شروط [المعجزات*].
ابن عرفة: هذا اعتزال؛ لأنه شرط المعجزة التلبس بها وصدورها عن كسب فإذا صدرت عن غير كسب، وهي التي لم تتلبس بها كانشقاق القمر لم يكن معجزة فليس الأمر كذلك، قلت: وتأولوا كلامه بوجهين:
الأول: أن يراد بالتلبس مطلق الملابسة وهو التحدث بالمعجزة وتسببه فيها إما بقول أو فعل ونحوهما.
الثاني: قال وفي الآية عندي سؤال وهو أن عرف القرآن أن الشيء إن كان من بعض مقدور النبي لم يحتج إلى الإذن.
وكان بعضهم يقول: الصواب العكس وجاءت الآية على العكس.
قيل لابن عرفة: إنما يراد هذا على تفسير ابن عطية الإذن بالتمكين مع العلم، ولنا أن تفسيره بالإباحة؛ لأن التصوير منهي عنه شرعا ويكون احترازا من المنهي عنها، أو يفسر الإذن بالقدرة وردها إلى النفخ فإن النفخ أمر غريب، قلت: وقوله: وعرف القرآن إلى آخره، مثاله (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، وقوله تعالى: (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) وقوِله سبحانه (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا). وقوله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ... (١١١) الوحي في اللغة الإلهام أو الأمر، ابن عرفة: فالأول ظاهر، وعلى الثاني يكون أمرهم على لسان عيسى، وأما بالدلائل الدالة على أن من أظهرت على يديه المعجزة فهو رسول صادق من عند الله.
قوله تعالى: (قَالُوا آمَنَّا).
دليل على جواز أنا نؤمن من غير استثناء إن قلنا إنه خبر، وإن كان إنشاء فلا دليل فيه.
قوله تعالى: (وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ).
دليل على أن مغايرة الإيمان والإسلام وإن كان تأكيدا، وأجيب بأن المغايرة حاصلة من أن الثاني بالاسم والأول بالفعل.
قيل لابن عرفة: هذا إن قلنا: إن الإيمان يزيد وينقص، وإلا فلا مغايرة.