كشف الضر، لم يقدر على نقيضه، وهو إيقاع الضر؛ لأن القادر على الشيء قادر على نقيضه، قيل له: أنا قادر على إدخال إصبعي في الخاتم، ولا يقدر على إخراجه، وقال: لم يقدر قط على إدخاله.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ... (١٨)﴾
ابن عرفة: الفوقية إما إشارة إلى قهره واستيلائه على العباد، أو بمعنى أنه فوق ما يظن من القهر والغلبة.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ... (٢٠)﴾
قال ابن عطية: قيل: الضمير عائد على التوحيد، وهو استشهاد في ذلك على مشركي كفار قريش بأهل الكتاب وهو منقطع عن الأول؛ لأنه يصح أن يستشهد بأهل الكتاب ويأتون في آية أخرى.
ابن عطية: يصح ذلك لوجهين واعتبارين، والحسن ما شهدت به الأعداء، والمعرفة:
قال الفخر: إنها راجعة إلى التصويرات، والعلم للتصديق، وأورد أن قولك: عرفت زيدا تصديق لَا تصور؛ لأنه حكم واجب بأن المراد المتعلق متعلق العلم محكوم به ومحكوم عليه؛ لكونه يتعدى إلى مفعولين، ومتعلق المعرفة محكوم عليه فقط، ورد بأن المراد تصور المحكوم به والمحكوم عليه وتصور النسبة التي بينهما.
قوله تعالى: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ).
ولم يقل: أولادهم؛ لأن محبة الإنسان ابنه أكثر من محبة ابنته، وموالاته لابنه أقوى من موالاته لابنته، فمعرفته بذكور بنيه أقوى من معرفته بإناثهم.
قال ابن عرفة: ودلت الآية على أن الصفة تنزل منزلة العين فأخذوا منها مطلبين:
الأول: أنها حجة للقول بجواز الغائب على الصفة إذا كانت تحيط به من جميع الوجوه.
الثاني: جواز الاكتفاء في الشهادة بالصفة عن التعريف، قال: وأجيب بأن الصفة إنما تتنزل منزلة الموصوف إذا كانت صفة خاصة، وهي التي تجب بها قرينة تخصها، والقرينة هنا هي المعجزة التي أوتيها الرسول دليلا على صدقه.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا... (٢١)﴾