قال ابن عرفة: قلت: علق هنا بالمشيئة، وقال في البقرة (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) ولم يقل: إن شئت، قال: وتقدم الجواب بوجهين:
الأول: أن تلك في المؤمنين، وهذه في الكفار.
الثاني: إن ذاك السؤال تضرع وتذلل في الدنيا لتعجيل الإجابة المحققة التي لَا يرد فيها وهذا ليس كذلك، فناسب أن يكون معلقا على المشيئة.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ... (٤٢)﴾
هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُمْ).
ابن عطية: أي فكذبوا فأخذناهم.
ابن عرفة: ويحتمل أن لَا حذف فيها؛ لأن الكل عبيده يفعل فيهم ما شاء، هذا مذهب أهل السنة، قال تعالى: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) قيل له: قلى قال: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) فقال: هذا بلاء.
قوله تعالى: (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ).
أي أخذناهم أخذا متراخيا معه الناظر لحالهم تضرعهم.
قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ... (٤٣)﴾
إما راجع إلى نفس التضرع فهو ترك فيكون دليلا على أن الترك فعلا، لقوله تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ... (٤٦)﴾.. ابن عرفة: وقال قبلها: (قُلْ أرَأَيْتَكُمْ) ووجهه أنه لما كانت الأولى مبدأ الخطاب بولغ في الخطاب فيها، والثانية: اكتفى فيها بالخطاب الأول فلم يحتج إلى المبالغة، والثانية: وقع الفصل بينها وبين الأول [وفيه شبه طول*]؛ فأعيدت الكاف فيها للخطاب، وقدم السمع إشارة إلى أنه أشرف لتعلقه بالغائب، والبصير لَا يرى إلا الحاضر.
ابن عرفة: وعادتهم يقولون في هذه الآية دليل لمن يقول: إن العرض ينفى زمانين؛ لأن السمع والبصر صفتان ليس منهما الحدقة بل الصفة المتعلقة بهما عرضان، فالذي تعلق به الآخر إما موجود أو معدوم، فالمعدوم لَا يتعلق به أحد وإنما


الصفحة التالية
Icon