على إبراهيم وكان جاهلا بهم ففزع منهم حسبما قال (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)، فقالوا (سَلامًا) بلفظ المصدر المؤكد بفعل مقرر منسوب إليهم، أي قالوا: سلمنا سلاما فنطقوا بالسلام ونسبوا الفعل إلى أنفسهم مؤكدا بالمصدر لتحصل له الطمأنينة منهم، فلذلك أكده بالمصدر المقتضي لإزالة الشك عن الحديث من حيث نسبته للمحدث عنه ليزول عنه فزعه ويعتقد سلامته منهم، بخلاف ما لو قال: سلام لاحتمال أن يكون منسوبا لهم أولا فالنصب أبلغ.
قوله تعالى: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).
قال إمام الحرمين في باب الصفات الصحيح جواز إطلاق النفس على الله تعالى واحتج بهذه الآية، والواجب قسمان: واجب لذاته، وواجب لعارض كالمعاد فإنه لذاته جائز وبإخبار الشرع واجب، وكذلك الرحمة واجبة بإيجاب الله تعالى لها.
قوله تعالى: (ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ).
ابن عرفة: التوبة بذاتها كافية في حصول المغفرة، فما أفاد قوله (وَأَصْلَحَ)؟، قال: وتقدم لنا الجواب بأن هذه توبة لغوية، ومجموع قوله (ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ) توبة إصلاحية، قيل له: ألفاظ الشرع إنما تحمل على حقائقها الشرعية، فقال: ليس بمعنى الاصطلاح اصطلاح الشارع، وإنما يعني اصطلاح جملة الشريعة.
قوله تعالى: (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
إما تفسير الكتاب نفسه، أو تفسير لبعض جزئياته.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ... (٥٥)﴾
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: ما الفرق بين قولك: عليٌّ كالأسد، وقولك: كالأسد عليٌّ، وضربت زيدا في الدار، وفي الدار ضربت زيدا؟، الفرق بينهما إنما هو الاهتمام بالشيء والاعتناء به، فإن كان المقصود الأهم الاعتبار بالتشبيه العارض للذات، والذات معلومة للمخاطب لكن مخاطب به قريب المخبر عنه أو صديقه قدم المجرور، فيقال: كالأسد علي، وإن كان المقصود الأمران وهو التعريف بالذات بوصفها العارض وهو الشبه قدم المبتدأ، فيقال: عليٌّ كالأسد، وكذلك قولك: ضربت زيدا في الدار كان الأهم الإخبار بالضرب فقدم، وإن كان المقصود الإخبار بمحله، قلت: في الدار ضربت زيدا، والخطاب هنا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والآية هي الآية البينة الواضحة معلومة.
قوله تعالى: (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ).


الصفحة التالية
Icon