قال ابن عطية: الضمير عائد على بينة أو على البيان، أو على الرب، أو على القرآن، أو على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ابن عرفة: والصواب عندي أن يعود على الكون أو على الاتصاف فيتناول الجميع، أو كذبتم بكوني على بينة وكذبتم باتصافي بذلك.
قوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ).
أي باعتبار الأصالة والحقيقة، وإما باعتبار الظهور والوجود فهو له فليظهر على يديه، وأخذ الخوارج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه بظاهر هذه الآية في قضية التحكيم.
قوله تعالى: (يَقُصُّ الْحَقَّ).
قال الزمخشري: يتبع الأمر والحكمة فاعتزل في قوله: والحكمة.
قال ابن عرفة: ومن هنا كان بعضهم يقول: لَا يحل نظره إلا لمن شارك في أصول الدين مشاركة جيدة وقرئ (يقض الحق)، فأعربه الزمخشري إعرابين:
أحدهما: أن الحق مصدر أي يقضي القضاء.
والثاني: أنه مفعول فلا يصح صنعه هذا على مذهبنا وهو على مذهبنا ظاهر لا يحتاج إلى تأويل.
قوله تعالى: (وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ).
خير إما فعل أو افعل في هذا وهذا احتراز يرد به على الخوارج في قضية التحكيم في استدلالهم، بقوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) والجمع بين الآيتين، مما تقدم من أن ذلك باعتبار الحقيقة، وهذا باعتبار قوله تعالى: (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ... (٥٨).. ، أي: لو مكنت على عقوبتكم لفعلت من ذلك التعجيل فأعاجلكم غضبه عز وجل ولكني ليس ذلك إلي.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ).
ولم يقل: أعلم بالمؤمنين مع أن الظالمين أكثر، وقد تقدم في قوله تعالى: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)؛ لأن الأقل المخرج من الأكثر، فالجواب أن ذلك باعتبار الأمر الظاهر، وهذا باعتبار الباطن.
قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ... (٥٩)﴾