أي لكل نبإٍ ثبوت وخبر صدق وقوع إشارة إلى أن جميع ما خوفهم وتوعدهم بوقوعه بهم في المستقبل فإنه يقع لَا محالة، وكل خبر صدق فهو واقع لَا محالة، والمراد لكل نبإٍ عن المستقبل، وأما الماضي فمعلوم.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا... (٦٨)﴾
ابن عرفة: إنما قال: رأيت يصدق على كل من كان بعيدا منهم بحيث لَا يسمع كلامهم لكنهم علموا بالقرائن الحالية أنهم يخوضون في آيات الله تعالى، واشتملت الآية على مطلبين:
الأول: رؤيتهم، والثاني: الجلوس معهم في قوله تعالى: (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُم) والخطاب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعام فيه وفي كل مؤمن هذا في اللفظ، وأما في المعنى وهو عام في الجميع.
قوله تعالى: (فِي آيَاتِنَا). الخوض في الآيات إما البحث فيها بالنظر والاستدلال، وإما الخوض فيها بالأمر الباطن وهو المراد هنا.
قوله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ).
إن قلت: الإعراض عنهم مرتفع بأحد أمرين:
إما بخوضهم في حديث آخر، وإما بسكوتهم فلم خصصه بالأول دون الثاني؟ فأجيب بوجهين:
أحدهما: أن الاجتماع مظنة لعدم السكوت فعلل بما هو الأكثر الإيجاب.
الثاني: أن السكوت لَا يؤمن منه الرجوع إلى الحديث الأول الذي كانوا فيه بخلاف ما إذا خرجوا إلى حديث آخر، فإِن ذلك قاطع على الرجوع إلى الأول.
قوله تعالى: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ).
قال أبو حيان: قرئ بالتشديد والتخفيف.
قال بعضهم: هما بمعنى واحد فمن جعلها بمعنى واحد راعى المعنى، ومن خالف بينهما راعى اللفظ والمقدمة، والنسيان إن استلزم مفسدة بينة فهو من الشيطان وإلا فهو، وهذا من النفس عليه قول أبي بكر رضي الله عنه: أقول هذا فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فهو مني ومن الشيطان.
قوله تعالى: (فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى).