أو سكونا فيه، وليس المعنى جاعل الليل مقدرا فيه السكون حتى يلزم منه وصف الله تعالى، المعنى جاعل الليل مقدرا فيه السكون ومقدرا اسم مفعول، فلا يلزم منه هذا بالنص لكن باللزوم من جهة أن الله هو الفاعل لكل شيء، قال: ونص النحويون في خبر المبتدأ والحال والصفة إنما يمتنع جريانها على غير من هي له وإنَّمَا يجب إبراز الضمير فيها مطلقا، والكوفيون يجوزونه إذا أمن اللبس، انتهى.
قوله تعالى: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧)﴾
قال الزمخشري: خصص الأول (يَعْلَمُونَ)، والثاني (يَفْقَهُونَ)؛ لأن إنشاء الإنسان من نفس واحدة، ونظيره إلى حالات مختلفة ألطف وأدق صنعة وتدبيرا فناسب تخصيصه بالفقه المقتضي لاستعمال الفطنة وتدقيق النظر.
ابن عرفة: وتقدمنا تقريره بوجهين: المعنى أن العلم راجع للتصور، والفقه راجع للتصديق فتناسب أن يعقب الأول بـ (يَعْلَمُونَ)؛ لأنه بدئ به فعقبه بما هو سابق على التصدق.
قال: وعكس آخرون، فقالوا: العلم راجع لعلم الكلام وغيره من العلوم، وعلم الكلام إنما يتكلم فيه باليقين المحقق لَا بالظن، والفقه أحكامه كلها ظنية فيعلمون أبلغ من يفقهون.
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ... (٩٩)﴾
ابن عرفة: وقع التذكير بآية سماوية، ثم تخلف أنفسهم، ثم تقوم أنفسهم.
قوله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ).
هذا التفات، فإن قلت: ما فائدة الالتفات هنا في الانتقال من الغيبة إلى المتكلم، قلنا: فائدته أن هذا الباب أعجب وأغرب من الأول ففيه رد على [الطبائعيين*] إذ لو كانت هذه الأشياء أصل بالطبيعة لكان الشجر المسقي بالماء الحلو حلو أكله، والمسقي بالماء المالح مالحا أكله، قال تعالى (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) فأسند تعالى فعلها إليه إشارة إلى أنه خالق كل شيء.
قوله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا).
لأن الجداول ما ينشق يخرج نباته أبيض، ثم يخرج من هذا الأبيض شيء أخضر وانظر نواة التمر كيف يخرج منها بالجمار.
قوله تعالى: (نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا).