إن كان لضرر منها والنشز بسببها فخالعته بشيء، فإنه يجوز له أخذه؛ لأنه معاوضة، ولذلك تقدم لنا إذا خالعته بطعام فاختلفوا هل يجوز بيعه قبل قبضه على قولين.
قوله تعالى: (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
ابن عرفة: الظاهر أن الواو بمعنى أو [للتفصيل*]، فالبهتان راجع إلى كذبه عليها ورميه [فقط*] بالزنا حتى ترد عليه ما أخذت منه، والإثم للبنين يرجع إلى تضييقه عليها بغير ذلك، فمن النَّاس من يكذب على زوجته ومنهم من يضيق عليها، ويهين عشرتها حتى يسترجع منها ما كان دفع إليها.
قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ... (٢١)﴾
ابن عرفة: انظر ما أحسن هذا الترتيب فهو يفهم على أسلوب طريقة أهل الفقه؛ لأن المجتهد إذا الحكم في المسألة لم يتم له إلا بأحد أمرين:
أولهما: أن يأتي بالدليل المقتضي للثبوت.
الثاني: انتفاء المانع منه فلما حكم بعدم الأخذ منه عقبه ببيان أنكم ليس لكم دليل موجب لجواز أخذ ذلك بل هو مجرد بهتان، وإن سلمنا أن لكم في أخذ ذلك مستندا أو دليلا فهناك مانع يمنع الأخذ، وهو إفضاء بعضكم إلى بعض، وتقرر العهد بينكم بالمواثيق.
قيل لابن عرفة: الحكم عام في الدخول بها وضرها، فقال: جرى على غالب الأمور؛ لأن الغالب في وقوع الشر إنما يكون بعد الدخول، وكونه قبله نادرا، قال ابن عطية: ويؤخذ من الآية جواز المغالات في المهور، وذكر قضية عمر.
ورده ابن عرفة: بحديث خرجه عبد الحق عن عائشة رضي الله عنها وكرم وجه أبيها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يمن المرأة تيسير أمرها وقلة صداقها"، وقلت أنا ومن شؤم المرأة عسر أمرها وكثرة صداقها.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ... (٢٢)﴾
قال ابن عرفة: الأب يطلق حقيقة على الوالد، وعلى الجد مجازا، ففيه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، لكن الجمع وهو أخف من المفرد، وإذا أريد بالنكاح العقد فيدخل فيه ملك اليمين باللزوم، ولأن المراد ما دخل في حكم النساء وصح له وطؤه، قال ابن عرفة: النكاح المجمع على صحته ينشر الحرمة بلا خلاف، وضده المجمع على فساده كنكاح الأخت والبنت لَا مثل حرمة لَا خلاف والمختلف فيه حكى اللخمي