وكان بعضهم يقول: إنه لف ونشر، فالصراط المستقيم لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا) أي هذا حكم العذر في عباده.
قوله تعالى: (قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ).
راجع لقوله (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) بأن التذكير راجع للاهتداء، وتفصيل الآيات يحتمل أن يكون ابتدائيا، ويحتمل أن يكون مسبوقا بإجمال، فإن كان التفصيل يستلزم تقدم الإجمال فيكون حجة لمن يقول من المبتدعة: إن العلوم كلها تذكيرية.
وحكى الأصوليون الخلاف في البيان يقتضي تقدم الإجمال أم لا.
قوله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ... (١٢٧)﴾
إن كان تقديم المجرور لحصر الضمير عاما في المؤمنين طائعهم وعاصيهم؛ أي دار السلام والنجاة ليست إلا لهم لَا لغيرهم، وإن يكن للحصر فيكون الضمير عائدا على المؤمنين الطائعين فدار السلام لهم ولا بد أن يكون ذلك لغيرهم وهم العصاة من المؤمنين.
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا... (١٢٨)﴾
قيل: العامل فيه وليهم.
ابن عرفة: فلابد من إضمار بما يعطف عليه، أي: وهو وليهم في الدنيا ويوم نحشرهم.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا... (١٢٩)﴾
وتبعه في دخول النار، والاثنان راجعان للدنيا
أحدهما: العبادة أيضا بعضهم ولي بعض في الكفر والظلم، والثاني عكسه لابن زيد أن يسلط بعضهم على بعض ويجعله وليا في القهر منتقما منه.
ابن عرفة: فاسم الإشارة على الأول راجع لقوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا)؛ لأنه أمر أخروي، وعلى الوجه الثاني والثالث يرجع لقوله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ)، (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ)؛ لأنه أمر دنيوي، والآية تدل على إطلاق البعض على الأكثر، فإن قلت: قد يكون نفي بعض ثالث مسكوت عنه كما تقدم في قوله تعالى: (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ) قلنا: هنالك يمكن الجواب بهذا، وأما هنا فهذا تقسيم مستوي.
قوله تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ... (١٣٠)﴾