إما لفسق الشاهد، وإما لظنه أو تهمة كشهادة الولد لأبيه أو لأخيه.
وقوله (فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ)
وهو حاكم، والحاكم يقبل شهادة الشك إما لعلمه بعدالته أو بكونه عدله غيره عنده أو يعلم عدالته الحاكم بعلمه في التعديل والتجريح جائز، ولو قيل: فلا يقبل شهادتهم أمرين:
أحدهما: فسقهم مع احتمال كونهم شهدوا بالحق، أو عدالتهم مع التهمة لمن يتهم العدل على الشهادة له، فلم قال: (فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) أفاد عدم قبولها؛ لأن تعديل الحاكم الشاهد شهادة معه بدليل قوله: (مَعَهُم)، ولم يقل: فلا تشهد بالإطلاق.
قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا... (١٥١)﴾
قال ابن عرفة: المحرم إنما هو الإشراك لَا عدم الإشراك، فكان يقال: أن تشركوا، قال: وجوابه إما أن يكون مفسدة للمحرم فهي بدل من تلك الحجة؛ أي أتل عليكم أن لَا تشركوا بالله شيئا، وعبر عنه منفيا؛ لأن المراد عدم الإشراك فهو مكروه شرعا، وإما أن تكون ناهية معمولة المحرم ولا زائدة، قال: ويؤخذ من الآية أن دليل الوحدانية يصح إثباته بالسمع؛ لأن الآية نهي عن الشرك بالله.
قال: وجوابه أنها خاصة بقريش، وقريش كانوا يتخذون شركاء ليقربوهم إلى الله، قيل له: أو يجاب بأن النهي لَا يدل على عدم وجود المنهي. عنه بل يدل على وجوده، كنهي العصاة عن شرب الخمر والشركاء غير موجودين في نفس الأمر بوجه، قال: وإنما قال: (عَلَيْكُم)، ولم يقل: حرم بالإطلاق مع أنه محرم على الجميع؛ لأن الخطاب وهم الذين كانوا عصوا بذلك وغيرهم لم يعص.
وقوله (شَيْئًا).
مصدر أو نعت لمصدر محذوف، وهو نهي أخص لَا نهي عن أخص فالمصدر دخل على الفعل فأكده؛ لأن النهي دخل على الفعل المؤكد.
قوله تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
قال ابن عرفة: هذا أبلغ من أن لو نهوا عن عصيان الوالدين؛ لأنه يقبل عدم العقوق وزيادة الأمر بالإحسان إليهم.
قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ).


الصفحة التالية
Icon