وقال في سبحان (١) (وَلَا تَقْتُلُوا أَوَّلادَكُم خَشيَةَ إِمْلاقٍ) ووجهه أن الإملاق هنا موجود وهناك متوقع؛ فلما كان موجودا أو الإنسان قبل نزول البلاء به ينوي الخلاص من بغى عليه ويناضل عنه بنفسه، وبعد نزول البلاء إنما الأهم خلاص نفسه؛ كما ذكروا في قصة أصحاب الأخدود في المرأة التي ألقيت في النار أو في الماء أنها كانت ترفع ولدها على عنقها لئلا يناله [الماء*] والماء يعلو لصدرها حتى لا يصل الماء إلى ترائبها، فلذلك قال (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) فقدم ضمير المخاطبين، ودلت هذه الآية على حفظ الكليات الخمس التي اجتمعت الملل على حفظها.
قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
لما كانت مفسدة هذه الأمور ضرورية مدركة بالبديهة يدركها كل أحد لَا تخفى عليه، قال: ولعلكم تعقلون بخلاف مفسدة ما بعدها؛ فإنها خفية لَا تدرك إلا بعد تأمل ونظر.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ... (١٥٢)﴾
بمبالغة، ولم ينه عن قرب القتل، فالجواب من وجهين:
الأول: أن القتل له صائن؛ لأن كل أحد يصون نفسه منه ومال اليتيم لَا صائن له.
الثاني: أن القتل لَا منفعة فيه للقاتل بل هو مجرد مفسدة تنشأ عن عدم خوف، وأخذ مال اليتيم مفسدة ينشأ عنها منفعة لأخذه في أكله والتلذذ به؛ فبولغ النهي عنه بلفظ القرب.
قوله تعالى: (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ليدخل خلط الوصي مال بمال يتيمه، فإنه جائز إذا كانت فيه منفعة لليتيم، وهي الحالة التي هي أحسن، ولو اتجر الوصي بمال اليتيم فربح فيه فالمذهب على أن الربح للوصي، وكذلك الناصب المذهب أن الربح له لَا لليتيم.
قوله تعالى: (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ).
مذهبنا أنه إذا بلغ اليتيم فإن تحقق رشده أو سفهه عمل ذلك، وإن شك في أمره فهو محمول على الرشد حتى يتبين الثقة.
قيل لابن عرفة: إن عندنا يتيم يقرأ في الكتاب وعليه وصي يوفي للمؤدب في أجرته ويزيد على القدر المعتاد، فقال ابن عرفة: إذا كان الوصي ذو مال فللمؤدب قبول تلك الزيادة.