قوله تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ).
فإن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (بِالْقِسْطِ). قلنا: فائدته لو لم يذكر للزم عليه أن لَا يخرج من العهدة إلا بالزيادة الكثيرَة على الواجب، فلما قال (بِالْقِسْطِ) أفاد أن أول جزء زائد يخرجه عن عهدة الوفاء بالعدد الواجب؛ لأن ما لَا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب؛ كأخذ جزء من الرأس في غسل الوجه، والزيادة على المرفقين في غسل الذراعين، وصوم جزء من الليل في رمضان، فإن قلت: عبر في الكيل بالمصدر دون لفظ الآلة التي يقع بها الكيل، وعبر في الوزن باسم الآلة دون المصدر، هلا قيل: فأوفوا المكيال والميزان، أو يقال: أوفوا الكيل والوزن بالقسط؛ فما السر في ذلك؟ فعادتهم يجيبون بوجهين:
الأول: أنه من حذف التقابل، أي وأوفوا الكيل والميزان بالقسط.
والثاني: أن الخبث يقع في الكيل باعتبار الوجود الخارجي أكثر من الخبث في الوزن، والخبث في الميزان باعتبار الوجود الخارجي أكثر من المكيال؛ فالخبث أكثر وجودا يقع في الكيل لَا في المكيال وفي الميزان لَا في الوزن.
قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ظاهره
تكليف ما لَا يطاق غير واقع، وهذه تدل على عدم جوازه أم لا؛ الظاهر أنها دالة على اعتقاد جوازه إذ لو لم يكن جائزا لما احتيج إلى نفيه، وهل هو راجع للجزء الثاني أو للجميع، الظاهر رجوعه للجميع بأن الأحسنية في قرب مال اليتيم مقولة بالتشكيك ولها درجة، ثم أحسن من شيء في أول درجة الحسن، وأن التكليف إنما وقع في الدرجة الأولى في الأحسنية.
قوله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا).
هذا في حفظ الأعراض وهو واجب، فهو راجع إلى عدم القرب بالقول.
قوله تعالى: (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا).
إما أن المراد الوفاء بالأيمان وعدم الحنث فيها أو العهد هو الحكم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ... (١٥٣)﴾
ابن عرفة: فيه قراءات: