ومنفعة إيمانها، وأجاب ابن القصار بأنه لما أضيف الفاعل إلى الضمير حصلت بينهما ملابسة بالإضافة فأنث الفعل لأجل ذلك، ونظير قول الشاعر، وقول الآخر:
لما أتَى خبرُ الزبيرِ تواضعتْ | سورُ المدينةِ والجبالُ الخشعُ |
[إذا بعض السنين تعرقتنا*]
فيصح تأنيث الفعل إذا كان فاعله المذكر مضافا إلى مؤنث بشرطين:
أحدهما: أن يكون المضاف بعض المضاف إليه، أو كبعضه.
والثاني: أن يصح إطلاق الثاني، والمراد الأول.
قوله تعالى: (لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا).
قال الزمخشري: (أَوْ كَسَبَتْ) عطف على (آمَنَتْ) والمعنى أن اشتراط الساعة إذا جاءت وهي آية ملجئة ذهب أوان التكليف عندنا فلم ينفع الإيمان غير متقدمة إيمانها غير كاسبة خيرا ولا بين النفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان.
قال الطيبي عن صاحب الإنصاف: أراد الزمخشري الاستدلال على أن الكافر والعاصي في الخلق سواء حيث سوَّى بينهما في الآية في عدم الانتفاع إنما يستدرك أنه بعد ظهور الآية ولا يتم ذلك، فإن هذا في البلاغة يلقب في اللف والنشر وأصله: يوم تأتي بعض آيات ربك لَا ينفع نفسا لم تكن مؤمنة من قبل إيمانها بعد ولا نفس لم تكسب في إيمانها خيرا، قيل: ما تكسب من الخير بعد، ويظهر بذلك أنها لَا تخالف مذهب أهل الحق فلا ينفع بعد ظهور الآية اكتساب الخير وإن نفع الإيمان المتقدم، انتهى.
قال ابن القصار: وما قاله تفسير بالمعنى وهو حق، وأما ما يقتضيه الإعراب على هذا التغيير فإنه والله أعلم حذف حرف العطف والمعطوف لدلالة ما بعده عليه، والتقدير لَا ينفع نفسا إيمانها أو كسبتها في إيمانها خيرا ما لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فيكون كما قال: من باب اللف والنشر، فعطف كسبتها على إيمانها الفاعل في ينفع، ثم حذف لدلالة قوله: (أَوْ كَسَبَتْ) وحذف حرف العطف والمعطوف جائز إذا فهم المعنى، قال: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي: والبرد، ومنه قول العبيدي:
فما أدري إذا [وجهت*] وجهاً | أريد الخير [أيهما*] يليني |