ابن عرفة: هذا من المذهب وهو الإتيان بالحكم مقرونا بدليله؛ لأنه إذا كان رب العالمين والصلاة والنسك له لَا لغيره.
قوله تعالى: ﴿وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ... (١٦٣)﴾
فيه أن النهي عن الشيء غير الأمر بضده، بقوله (لَا شَرِيكَ لَهُ) فهو منهي عن الإشراك فسمي النهي عن الإشراك أمر بتركه، قيل له: هذا إذا كان مأمورا بهذا اللفظ، وهو أن يقول: (لَا شَرِيكَ لَهُ).
قال ابن عرفة: وفيها أن المندوب غير مأمور به؛ لأن ظاهر الآية وجوب التبري من الشرك، ولو كان المندوب مأمورا به لما اقتضت الآية وجوب التبري من الشرك واللازم باطل، والملزوم مثله.
قوله تعالى: (وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ).
الأولية إما حقيقة، وإما باعتبار الشرف، قيل له: إبراهيم هو الأول، فقال: الإسلام راجع للأحكام التكليفية وشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم مخالفة لشريعة إبراهيم صلى الله على نبينا محمد وعليه وعلى آلهما وسلم.
قيل له: قد قال (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا) فقال: إسلامه غير إسلام نبينا، وشرعه مخالف لشرعه.
[... ] (١)
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا... (١٦٤)﴾
قال ابن عرفة: الغيران أعم من المخالفين ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص.
قوله تعالى: (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ).
يؤخذ من ظاهر الآية مرجوحية إطلاق لفظ أبغي على الله تعالى، ومرجوحية إطلاق لفظ الرب على غير الله تعالى، ولا يقال: رب الجنان ولا رب الدار؛ وقيل الأولى ملك الجنان ومالك الدار.
قيل له: قد قال تعالى (قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)، وقال النبي صَلى الله عليه وعلى آله وسلم: " [تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ*] " وهذا دليل على الجواز، فقال: إنما قلنا الأولى عدمه.

(١) ما بين المعكوفين مكرر في الآية التالية. اهـ (مصحح نسخة الشاملة).


الصفحة التالية
Icon