ورده ابن عرفة بأنك إذا قلت: قام زيد فأكرمته، فالإكرام لَا يلزم أن يكون بعد تمام القيام بل قد يكون قبل كماله.
وأجاب أيضا ابن عصفور: بأن المراد أهلكنا هذا لَا من غير استقبال فجاءنا بأسنا فهلك هلاك استقبال.
قيل لابن عرفة: في الآية تقديم وتأخير والتقدير أهلكنا بياتا وهم قائلون فجاءنا بأسنا بياتا يكون؛ والمراد أهلكناها في الدنيا وجاءها في الآخرة العذاب في الدارين، فقال آخر: الآية تدل على أنه في الدنيا، لقوله تعالى: (فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥).
قوله تعالى: (بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ).
قال ابن عرفة: تقدمنا فيها سؤال وهو هلا قيل: فجاءهم بأسنا بياتا أو قيلولة فجاءها بأسنا بياتا وهم بائتون فما السر في ذلك؟ وما الفرق بين قولك: جاء زيد ضاحكاً، وبين قولك: جاء زيد وهو ضاحك؟ قال: وتقدم لنا الجواب بأن قولك: جاء زيد ضاحكا تقييد، وبأن قولك: جاء زيد وهو ضاحك حكم إسنادي، والوصف التقييدي راجع لقسم [التصور*]، والحكم الإسنادي راجع لقسم التصديق، ولا شك أن تأثير مجيء البأس في الليل أشد من تأثير مجيئه في القائلة، فلما كان مجيئه في الليل أشد عبر عنه بالتقييدي الراجع لبأس التصور؛ لأنه متصور بالبديهة، وعبر عن الآخر بالحكم الإسنادي التصديقي لما فيه من احتمال عدم التأثير.
قوله تعالى: (أَوْ هُم قَائِلُونَ).
قال ابن عرفة: الجملة إذا وقعت حالا فإن كان في صدرها ضمير اختلف هل يلزم الواو معها أم لَا؟؛ فنقول: جاء زيد يده على رأسه وإن لم يكن فيها ضمير فلا بد من الواو، ويقال: جاء زيد وعمرو ضاحكا، وعليه نزل سيبويه في قوله تعالى: (يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) أنه حال، وعليه أورد الزمخشري هنا سؤالا، قال: لأي شيء.
قوله تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ... (٦)﴾
وهذا سؤال توبيخ، وقوله (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ) هذا استعلام.
قوله تعالى: (وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ).