كما تبين النقد طريق الجامع وتنبيها للصحيح، فالأول: بينت له ولم يمكن منها، والثاني: بينت له ويمكن عنها والمعنى ليبين لكم ويمكنكم سلوك طريق من مضى من الأمم، وإذا مكنوا منها فتارة يهتدوا، وتارة لَا يهتدوا، ابن عرفة: وهذا ترتيب مني؛ لأنه يبين أولا طريق الرشاد ومكن من سلوكها وخلق القدرة على سلوكها بعض النَّاس، وتاب فمن عصى ولم يسلكها والله أعلم بالبينات.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ... (٢٧)﴾
ابن عطية: هذا تكرار للتأكيد، فرده أبو حيان: بأن معمول الإرادة هو التكاليف، أي يريد الله تكاليفهم ليبين لكم وليبين معمول التوبة، وقال المختصر في هذا نظر ابن عرفة: أراد أن التوبة معلقة بالفعل راجعة إليه، والتقدير يريد الله تكليفهم ليبين لكم وليتوب عليكم فكأنما معمول له.
قال ابن عرفة: والرد عندي على ابن عطية من وجهين:
أحدهما: أن البيانيين فرقوا بين قولك: زيد يقوم، ويقوم زيد، فقولك: (يُرِيدُ اللَّهُ) أعم (وَاللَّهُ يُرِيدُ) أخص فهو تأسيس.
الثاني: أن الأول تضمن مشروعية التوبة، والثاني: إخبار بقبولها، قيل لابن عرفة: مذهبنا أنها غير واجبة، فقال: عقلا، وأما شرعا فقبولها واجب.
قوله تعالى: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ).
ابن عرفة: منهم النفس فإنها تحب من صاحبها أن يفعل جميع شهواتها ومستلذاتها، ويقال: يميل بفتح الياء.
قيل لابن عرفة: نص البصري في شرح قول الشقراطيسي
فانقضَّ منكسر الأرجاء ذا ميل
أن الميل بالفتح إنما هو في المحسوسات قال: يكون هذا مثل، قول الزمخشري: في قوله تعالى: (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجَا وَلَا أَمْتا) أنه تنزيل المعنوي في منزلة الحسي، مثاله في الميل والعوج.
قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ... (٢٨)﴾
إشارة إلى أن جميع التكاليف حقيقة، فينبغي أن تؤخذ بالقبول والامتثال، أي دليل يريد الله تكليفكم ليبين لكم، وإشارة إلى أن إباحة نكاح الأمة مع عدم الطول وخوف


الصفحة التالية
Icon