ابن عرفة: بل هو واجب أو سنة، ولو كان تعداديا، لقلنا: أراد المستحب السنة.
قال ابن عرفة: والظاهر عندنا أن الأمر هنا للندب؛ لأن خارج من ذلك لأنه أمر بالزينة لَا بستر العورة؛ لكنه يستلزم الستر من باب أحرى، قال: وقول القائل: خذ زينتك أبلغ من قوله: تزين، وإضافة الزينة إشارة إلى أن كل واحد منا يأخذ زينته اللائقة بحاله.
قوله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا).
قال ابن عرفة: تقدم لنا أن الاستثناء لإخراج الصالح، أو يكون لإخراج الدخول، ومنه ابن التلمساني باستثناء ما زاد على العشرة على وجه البدل من جموع القلة واستشكله الشيوخ؛ والصواب تمثيله بما قاله هو في مواضع أخر، وهو أن الاستثناء من النكرة المطلقة، كقولك: أكرم رجلا من بني تميم إلا زيدا.
قال ابن عرفة: وكذلك التقييدات تكون داخلة، وتكون صالحة للدخول، كقولك: أكرم النَّاس ولا تسرف، وأكرم بنيك ولا تسرف، فالأول: صالح، والثاني: داخل؛ لأن الأمر بإكرام [البنين*] مظنة الإسراف؛ لما في النفس من الشفقة عليهم، وأما هنا فالأكل محبوب للنفس بالطبع فإذا أمر به تأكد وكأنه مظنة للإسراف في الزائد على الشبع إذ لم يتوق النفس الشهوة فإنه محرم، وإن شبع الإنسان ولم تزل شهوته في الطعام فالظاهر أن أكله مكروه وليس بحرام بدليل أن الواحد يأكل الطعام ويشتهي الفواكه ويأكل منها.
قوله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) النهي للتحريم، كقولهم: لَا حبذا زيد فإنه للذم والذم على فعل الشيء دليل على تحريمه.
قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ... (٣٢)﴾
قال ابن عرفة: الخطابات في القرآن على ثلاثة أنواع: فمنها ما هو صريح العموم، مثل (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، ومنها ما هو صريح الخصوص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مثل (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ)، ومنها ما هو محتمل كهذه الآية.
قوله تعالى: (الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ).
إن أريد التي خلق الله لعباده فلا يكون فيه دليل لمن يقول: إن الأشياء على الحصر، وإن أريد التي شرع لعباده فيكون دليلا على أن الأشياء على الحصر.