عبر بـ لهم على جهة التهكم بهم فهو إليهم لَا لهم، والمهاد إنما يطلق في الأمر الملائم للحال الموصوفة؛ فإن كانت حالا حسنة فهو دليل على شدة حسنها، وإن كانت قبيحة فهو دليل على شدة قبحها.
وقال تعالى في سورة (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) فقدم هنا لفظة فوق وأخر هاهنا، وأجيب بأنه هنالك روعي فيه لفظ المهاد. والمهاد غالبا يقتضي المكان الذي يمتهد عليه فهو تحت والظلال من تحت، فعذاب الله تلك أشد؛ لأنها نار تحت المهاد.
قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
المشبه بالشيء لَا يقوى قوته فدل على أن عذاب هؤلاء أشد من عذاب الظالمين.
قوله تعالى: ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (٤٢)﴾
[دليل*] على أن القادر على الشيء يطاق وسعه بلا شك.
قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ... (٤٣)﴾
دليل على صحة القول بأن العرض يبقى زمانين؛ لأن الفعل معنى من المعاني ولا عرض ولا ينزع إلا ما هو قابل للبقاء.
فرد عليه ابن عرفة النزع بمعنى الإعدام، والمراد نزع نوع الغل مطلقا لَا شخصه، قال: هذا مجاز والأمثل حقيقة، قيل له: لَا بد في الآية من المجاز. لأنهم أجمعوا على أن العرض لَا يقوم بنفسه، وإذا حملت النزع على حقيقته يلزمك مخالفة الإجماع فلا بد من حمله على معنى الإعدام، فقال: هذا الذي أجمعوا عليه تحمل الآية عليه وتبقى على حقيقتها فيما اختلفوا فيه، قيل له: إنما حملناها على الإعدام زال المعنى الذي قلتم.
قال: والآية دلت على أن كل صدر فيه الغل فهو أمر جلي لَا يقع فيه التكليف. وإنما التكليف بأسنا به؛ ولذلك يقال: ما علا عبد من حسد فواحد يخفيه وآخر يفشيه.
قوله تعالى: [(أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) *].
إسقاط الفاء هنا، وأثبتها الفاء في قوله (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)؛ لأن الإنسان إذا وجد شيئا قد يصدق به، وقد يبقى على شك، وإذا خوف من شيء يستقر في نفسه الخوف منه ويسرع إليه الهلع والفزع،


الصفحة التالية
Icon