العبث رخصة وتخفيف من الله تعالى على عباده ولا إثم فيه كما ورد " [إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه*] ".
قيل لابن عرفة: فيؤخذ منه لَا يجوز نسخ حكم قرئ في حقيقة الحكم بأن نقلا منه وإنما يحتج بالخفيف، فقال ذلك لَا تقل هو خفيف بالنسبة في غيره من الأحكام لا بالنسبة الموالي.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا... (٢٩)﴾
ابن عرفة: فيه إيماء لكون الكافرين غير مخاطبين بفروع الشريعة.
قوله تعالى: (لَا تَأكُلُوا أَمْوَالَكُمْ).
ابن عرفة: عبر بالأكل لوجهين: إما لأنه عام في بني آدم والبهائم بخلاف اللباس، وإما لأنه أهم على النفوس من اللباس والحاجة إليه أشد، فإذا جوع الإنسان نفسه فإنه لَا يتشوق إلى التلذذ باللباس.
قوله تعالى: (أَموَالَكُمْ).
إن أريد مال الإنسان نفسه فإن النهي يتناول الأموال المقيدة فيها بالدنيا، وإن أريد نهيه عن أكل مال غيره فيكون مطلقا لكن قوله يفيد الثاني.
قوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً).
أي لَا تأكلوا بسبب من الأسباب إلا بسبب التجارة، قيل له: والكون داخل في الأول فهو متصل فقال: الباطل ليس له كون كما أن الذوات ليست بكون.
قال ابن عرفة: وقدم أولا النهي عن النكاح الفاسد ثم بقي بالنهي عن أكل المال بالباطل فإن راعينا المفسدة، فمفسدة التزويج أشد من مفسدة المال؛ لأن حفظ الأنساب آكد من حفظ الأموال، وإن راعينا الحاجة فالحاجة إلى المال أسهل من الحاجة إلى النكاح بدليل أن الإنسان يجب عليه الإنفاق على ابنه بالطعام والشراب ولا يجب عليه تزويجه.
قوله تعالى: (عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم).
قال ابن العربي: مفهومه منع أكل المال الحاصل بالهبة والصدقة، فرده ابن عرفة بأن الآية اقتضت أن التراضي عنه في جواز أكل المال الحاصل فائدة فيه فأحرى عليه في جواز أكل ما حصل بالمعروف؛ لأن النكاح والهبة محض معروف، قال ابن


الصفحة التالية
Icon