قوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧)﴾
قال ابن عرفة: تكلم الطيبي هنا كلاما.
قال ابن عرفة: لم خصص الإتيان بهذين الزمنين دون غيرهما؟ ثم أجاب بأنه من باب قولهم: ضربته الظهر والبطن، ومطرنا السهل والجبل؛ فعبر بالبيات عن زمن سكونهم، وبالضحى عن زمن اجتماعهم فيه؛ لأن أول ظهورهم وبعده يتفرقون في أشغالهم، قلت له: ولم قال: (وَهُم نَائِمُونَ). ؟ فأخبر بالاسم، وقال: (وَهُمْ يَلْعَبُونَ). فأخبر بالفعل، فأجاب بأن الاسم يقتضي الثبوت؛ والنائم ساكن، والفعل يقتضي التجدد؛ واللعب حركة تتجدد شيئا فشيئا.
قوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ... (٩٩)﴾
قال الزمخشري: هذا إشعار لأخذ العبد من حيث لَا يشعر.
قال ابن عرفة: الأمر يقتضي أن عنده مضاف إلى الفاعل.
وقال ابن عطية: أمنوا عقوبة مكر الله فراجع للأول وموافق له.
ابن عرفة: ويحتمل عندي أن يكون غيره بأن الإنسان يتذكر حلول البأس والعقوبة في الدنيا، وتارة ينعم عليه في الدنيا فيتذكر الإملاء هنا، قال تعالى (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا) فقوله: (مَكرَ اللَّهِ) إشارة إلى الإمهال؛ فإن من أنعم على شخص وأمهله وأقره فقد مكر به، فإن قلت: لم قال (فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ)، ولم يقل: فلا يأمن بأسنا؟ فالجواب: أن المكر خسران وحلول البأس بهم غير متيقن؛ منهم من أمنه ليس كمن أمن المكر والإمهال، قلت: ولأن المكر راجع إلى العقوبة الآخرة وعذابها لَا ينقطع والمكر في الدنيا فمن أمن المكر فهو الخاسر حقيقة.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ... (١٠٠)﴾
الزمخشري فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه معطوف على مدلول معنى (أَوَلَمْ يَهْدِ) أي: [يغفلون*] عن الهداية [ونطبع*] على قلوبهم، أو معطوف على (يَرِثُونَ).


الصفحة التالية
Icon