قال ابن الخطيب: يؤخذ منه جواز إلقاء المصحف؛ فرده ابن عرفة بأن موسى عليه السلام إنما ألقاها اضطرار كي يتأتى له الأخذ برأس أخيه؛ فجره إليه لأنها كانت في يده.
قوله تعالى: (وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ).
قال ابن عرفة: يؤخذ منه ومن قوله في سورة طه: (يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي) إن الأذنين ليسا من الرأس؛ لأن موسى عليه الصلاة السلام إنما أخذ بأحد أذنيه، ابن عرفة: وهذا لو قام الدليل على أن موسى امتثل لقول هارون له (لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي). ولعله لم يمتثل أمره ولم يسمع منه، قيل لابن عرفة: هذه معصية فكيف وقع فيها هارون وموسى معصوم؟ وتقديره أن موسى عليه الصلاة والسلام غضب عليه وأدبه بالقول والفعل، والتأديب يقتضي التأثيم وهما من خواص ترك الواجب، والنبي معصوم من الوقوع في ذلك، وقد تقرر في مسألة ترك الوتر أن التأديب يقع على ترك المندوب، فقد قال أصبغ: يؤدب تاركه وهارون قد غير عليهم أولا، فقد قال في طه (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي) فما عاتبه موسى عليه الصلاة والسلام إلا على الدوام على التغيير.
قوله تعالى: (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا).
قال ابن عرفة، عن سيبويه: في (ابْنَ أُمَّ) [ابن أم ثلاث لغات: ابْنَ أُمِّي، وابن أمَّ، وابْنَ إِمِّ*]، قال: سمعتها من الخليل، قال ابن عرفة: هذه عندي الصحيحة لكون سيبويه لم يذكر غيرها.
قوله تعالى: (فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
قال ابن عرفة: هذا نفي أعم، ولو قال: من القوم الظالمين لكان نفي أخص، قلت: قال لي بعض النَّاس: ابن عبد السلام كان ينشد قول الشاعر:
يقول العاذلون تَسلَّ عنها... وداوِ غليل قلبك بالسُّلوِّ
وكيف ولمحة منها اختلاسا... ألذُّ من الشماتة بالعدوِّ
قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ... (١٥١)﴾


الصفحة التالية
Icon