إن قلت: ما فائدته؟ قلنا: أفاد اتصافهم بأخص المغفرة، كقولك: فلان [يَتَنَفَّل*] إذا عسعس الليل؛ فإنه أخص من قولك: فلان [يَتَنَفَّل*].
قوله تعالى: ﴿وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ... (١٥٤)﴾
مع أنه أخص، قال: وعادتهم يجيبون بأنه [احتراس خشية أن يتوهم أنه تعليل بالمخل*]؛ لأن هذه لما كانت ألواحا نزلت من السماء من الجنة، قد يتوهم أن الهدى والرحمة فيها أنفسها، فقيل (وَفِي نُسْخَتِهَا) ليفيد أن الرحمة والهدى في المكتوب منها، [وفي النسخ منها، لا فيها أنفسها لذاتها*].
قوله تعالى: (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا).
ليس باستفهام عن الإهلاك؛ لأنه قد وقع، والواقع لَا يسئل عنه؛ وإنَّمَا هو استفهام عن الجواز الحكمي؛ معناه: أيجوز في حكمك أن [تهلك*] البريء بما فعل العاصي، وهذا جائز عند أهل السنة فإنه يجوز عندهم أن يعذب الله الطائع ويعذب العاصي، وأفعال الله غير معللة وكلها بالنسبة إليه حسن.
قوله تعالى: (فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا).
الرحمة سبب في المغفرة؛ فهلا قدمت عليها، وأجيب: بأن المراد تكرير الدعاء بها لتكون [المغفرة*] متقدمة ومتأخرة.
قوله تعالى: (وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ).
إن اعتبرنا ما في نفس الأمر فلا مشاركة، وباعتبار الظاهر هي أفعل، من قوله تعالى: (وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً... (١٥٦).. لَا يصح أن يكون الكتب حقيقة لأنه إن كان قديما امتنع لقوله (فِي هَذِهِ الدُّنْيَا). ، وإن كان حادثا امتنع لقوله (وَفِي الآخِرَةِ). فالمراد بالكتب إما ثبوت ذلك، أو الحكم بثبوته.
قوله تعالى: (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ).
اختلفوا هل اتصل موسى بمطلوبه أم لا.
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).
قال ابن عرفة: إنما كرر الموصول؛ لأن هذه الأمور اعتقادية راجعة للتوحيد، والأولى أمور عقلية؛ فكررها لما بين العمل والاعتقاد من التفاوت.


الصفحة التالية
Icon