قال: ما وجه الجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى: (قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) فإن هذه الآية تقتضي أن الخبيث أكثر من الطيب؛ لأن الأَقل مخرج من الأكثر، والأخرى بالعكس.
فالجواب أن تلك شرطية على سبيل الفرض والتقدير، فلا يلزم منها الوقوع وهذه جملة [فعلية*]، ويؤخذ من الآية في باب التعديل والتجريح فيمن [دلت*] حاله أنه محمول على العدالة، خلاف مذهب مالك.
قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ... (٣٨)﴾
قال الزمخشري: الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تباعة، وأما الذمي فلا يلزمه قضاء حقوق الله تعالى وتبقى عليه حقوق الآدميين.
قال ابن عرفة: هذا مذهب أبي حنيفة؛ لأن الزمخشري حنفي المذهب.
وقال ابن العربي: إن الحربي إذا أسلم حفظت عنه الحقوق كلها إلا حد القذف، قال أشهب: وحد السرقة، قال ابن عرفة: وهذا غير صحيح والذي في المدونة أنه يسقط عنه الحدود كلها وهي مشكلة في المدونة؛ لأنه قال: سقط عنه حد القذف كما لا يطالب بالقتل، وتقدمنا مفارفتها للقتل بأنه إذا قذف وقتل فإنه يحد للقذف ثم يقتل فلم يجعل القتل مستلزما حد القذف، وتقدم الجواب بأنه إنما سقط عنه حد القذف وحد القتل يقتضي الآية؛ لأن سقوط القتل يستلزم سقوط ما دونه من باب أحرى؛ ولأن حصوله يستلزم حصول غيره.
قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ... (٤١)﴾
ابن عرفة: يؤخذ منها من لوازم العلم العمل؛ لأنه المقصود في الآية لأنه إذا انتفى الملزوم فليس المراد علم ذلك على العلم به، فلولا أن العلم بالشيء يستلزم العمل به لما صح الاكتفاء به عنه، ويلزم من عدم العمل به عدم العلم به، ويلزم من نفي اللازم نفي الملزوم، وهل المراد العلم حقيقة أو المراد اعتقاد ذلك علما أو ظنا؟ قال: إما بالنسبة إلى الصحابة فهو علم حقيقة، وإما بالنسبة إلى من بعدهم فتقرر الخلاف في دلالة القرآن هل هي قطعية أو ظنية، والظاهر أنه علم حقيقة لما تقرر من أن أهل أصول الدين يحتجون بآية القرآن في المطالب العلمية، فلولا أنه يفيد العلم لما صح احتجاجهم بذلك، والغنيمة ما أخذ بمجادلة وتكتسب من غير بيع ولا شراء، وقيل: ما أوجف عليه بالخيل والركاب، والعطف في الآية تدل، وقوله: (مَا


الصفحة التالية
Icon