ابن عرفة: هذا تسمية احتراس لأنه قد تقدم، قوله (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) فقد يتوهم أن ضعفهم وعدم قوتهم يوجب عدم الاستعداد لهم.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى... (٦٧)﴾
ابن عرفة: ما ذكره ابن عطية وغيره عن أبي بكر وعمر ينبغي حمله على وجهين؛ أحدهما: أن الخطأ في الجهاد ملزوم للتأثم، الثاني: ما ذكره ابن الحاجب من أنه قد تعرض له صلى الله عليه وعلى آله وسلم الخطأ في اجتهاده ولكنه لا يقر.
وقال الفخر في المحصول: الأكثرون على منع ذلك في حقه وهو الصحيح؛ لأن المعصية تمنع منه، وهذا كله إذا قلنا: إن كل مجتهد مصيب، قال: واحتجوا بهذه الآية على أن المصيب واحد؛ فدلت على أن عمر هو المصيب في اجتهاده، وأجاب الآخرون بأن أبا بكر أقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ما فعله فهر مصيب بإقراره له، وفرق بعضهم بين الحكم بالفداء، وبين أخذ الفداء. فأبو بكر حكم [بالفداء*] وغيره من الصحابة أخذه فوقع العتب على من أخذ الفداء؛ لأنه عرض دنيوي فأخذوه لمجرد ذلك فقط، وأبو بكر إنما حكم بالفداء لمصلحة الآخرة؛ وهو رجاء إسلامهم.
قوله تعالى: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ).
أبلغ من قول القائل: لَا يفعل النبي كذا ولا يفعل كذا؛ لاقتضائه نفي القابلية للفعل.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
راجع للأمر الباطن وهو اختيار الفداء لأنه جائز في نفس الأمر، لقوله (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا... (٦٩).. راجع للأمر الظاهر وهو التوبيخ على أخذ الفداء، ثم بعد ذلك نسخ بالجواز.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢)﴾
[أخَّرُ*] (وَجَاهَدُوا مَعَكُم) وقال تعالى قبلها: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) فذكر بأموالهم وأنفسهم الأولى دون الثانية.
ابن عرفة: فقدم الجواب بوجهين؛ الأول: أنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه إذ الآية الأولى في الميراث، قلت: فيها حذف المال لتناول جهاد الغني والفقير.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ... (٧٣)﴾