تعالى، فأنزلهم على حكمك، فإنك لَا تدري [أصادفت حكم الله فيهم أولا؟ *]، وإن طلبوا ذمة الله فأنزلهم على ذمتك، [فلأن تخفر ذمتك خير من أن تخفر ذمة الله*]، فتوقير عهد الله واجب، وقد تحقق من المشركين النكث، وتبرأ الله ورسوله منه، فأحرى أن لَا ينسب العهد [المنبوذ*] إلى الله تعالى.
الزمخشري: قال علي يوم النحر، قال: أمرت بأربع:
أن لَا يقرب هذا البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا [كل*] نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده.
الطيبي: قوله: أمرت بأربع؛ أي أن أنادي بأربع، فإن قلت: ما فائدة النداء بقوله: ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، قلت: الإعلام بأن المشرك لَا يقبل منه بعد هذا غير الإيمان، لقوله تعالى: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ) إلى قوله (سَبِيلَهُم) وهو من باب [لا أرينك هاهنا*]؛ يعني أمرت بأن يتصفوا بما [يستحقوا*] به أن يكون أهلا إذ لَا يقبل منهم سواه].
قوله تعالى: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ... (٢)﴾
إما أن يكون في الكلام حذف أي فقيل لهم: سيحوا، وهذا التفات خرج من الغيبة إلى الحضور وجعل الفرد في هذه الأربعة الأشهر المذكورة مناهي الأشهر الحرم المعلومة وليس كذلك.
قوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ... (٣)﴾
عبر بالأذان دون الإعلام لما في الآذان من الاستغفار برفع الصوت.
الزمخشري: ارتفاعه كارتفاع براءة ولا وجه لقول من قال: معطوف على براءة، كما يقال: عمرو معطوف على زيد، في قولك: زيد قائم وعمرو قاعد.
الطيبي: ولقائل أن يقول: لم لَا يجوز أن يعطف على (براءة) على أن يكون من عطف الخبر على الخبر؛ لكن الأحسن كونه من عطف الجمل لئلا [تخلو*] من الحصر [بين*] جمل كثيرة أجنبية، ويفوت التطابق بين المبتدأ والخبر تأنيثا وتذكيرا.
الزمخشري: فإن قلت: أي فرق بين معنى الجملة الأولى والثانية، قلت: تلك إخبار ثبوت البراءة وهذه إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت، فإن قلت: لم علقت البراءة بالذين عاهدوا من المشركين وعلق الأذان بالنَّاس؟ قلت: لأن البراءة مختصة بالمعاهدين والناكثين منهم، وأما الأذان فعام بجميع النَّاس من عاهد ومن لم يعاهد،