وتنظر هل معنى الآية: وإن أحد من المشركين استجارك لكي يسمع كلام الله فأجره، والمعنى: استجارك لما هو أهم من ذلك.
قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ... (٧)﴾
يترجح كون ما مصدرية بوجهين؛ أحدهما: الدلالة على اتصال الأمر بالاستقامة لهم في جميع مدة استقامتهم لنا.
الثاني: أن الأصل في القضايا [الحملية*] لَا الشرطية.
قوله تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ (١٢)﴾
يؤخذ منها أن دين الكافر لَا يلزمه خلافا للمغيرة حكاه ابن رشد، وهذه الجملة اعتراضية بين قوله (فَقَاتِلُوا) وبين قوله (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ).
قوله تعالى: ﴿أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ... (١٣)﴾
ابن عرفة: إن أريد إخراجه من مكة، فيكون في الآية تقديم وتأخير؛ لأن نكثهم إيمانهم بعد ذلك، وإن أريد من المدينة، فالآية على ترتيبها، وإنما لم يقل وهموا بإخراج رسولهم؛ لأنهم خالفوه من حيث كونه رسولا، فخالفوا الرسول [بالنكران وهو أشد*].
قوله تعالى: (وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ).
ولم يقل: وهموا بإخراج الرسول، الفرق الحاصل بين الجملتين؛ لأن الجملتين الأولتين ترجعان إلى تكذيبهم بالرسول، والثانية: راجعة إلى قتالهم للمؤمنين، فهذه الثانية تحريض للمؤمنين على قتالهم، فإن قلت: ما أفاد قوله (أَوَّل مَرَّةٍ)، ولفظ البدء يقتضي الأولية، قال: فالجواب أن البداية تقتضي الكمية المنفصلة، لقولك: إذا كان بين بني تميم وبني قيس غير حروب، فتقول: بنو تميم هم البادئون بالقتال في الحرب الأول.
قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ... (١٤)﴾
هذا صريح في مذهب أهل السنة القائلين بأن أفعال العباد كلها مخلوقة لله عز وجل، ولما تقدم الأمر بالقتل بلفظ العرض والتحضيض عقبه بصيغة الأمر بالقتال ضربا، أو ذكر الأمر بالقتال ليرتب عليه الوعد بالنصرة عليهم في قوله (يُعَذِّبْهُمُ)، فإن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ) بعد قوله (يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ)؟ قلت: لأنهم إذا عذبوا بأيديهم قد يساومهم فلا يغلبوا أو لَا يغلبوا.