وعلى آله وسلم في جميع إخباراته، ولا يحتاج إلى هذا الأخذ من يرتاب فيما يخبر به؛ فيحتاج إلى تقديم إذ هي الأهم المقصود.
قوله تعالى: ﴿يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ... (٤٢)﴾
الزمخشري: إما بدل من سيحلفون أو حال، أبو حيان: يمتنع البدل؛ لأن الهلاك غير الحلف، قلت: قال صاحبنا أبو العباس أحمد بن القصار: وهو بدل اشتمال؛ لأن حلفهم للمؤمنين سبب في إهلاكهم، فالحلف يشتمل على الإهلاك بناء على الأول مشتمل على الثاني، والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (٤٣)﴾
ابن عرفة: عبر في الأول بالفعل وهو صدقوا، وفي الكاذبين بالاسم إشارة التحقق والتنقيل وإن أدنى وصف في الصدق في ذلك كاف؛ فجعل الحق متوقفا على يتبين أعم الصدق، لأن صدقوا أعم من الصادقين، [وجعل المبطل متوقفا*] على أخص الكذب، ولذلك في الأول التبيين، وفي الثاني العلم، والأول أعم للمعنى الذي قررناه، وأيضا فالآية وردت بالذات إنكار على المنافقين وذما لفعلهم، فناسب الإخبار عن صفتهم الذميمة مما يقتضي الثبوت، قلت: وتقدم لنا عند ابن عرفة في الختمة الأخرى في هذه أن ابن مالك قال: من الفصاحة أن يؤتى بجملتين مع جملتين متناسبتين، كقولك (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩). وقد علق التبيين بالصدق والعلم بالكذب فما السر في ذلك؟ قال: وجوابه أن التبيين إنما يكون فيما يظهر للوجود، والعلم يتعلق بالوجود والمعدوم، والصدق أمر وجودي، والكذب أمر عدمي؛ لأنه عبارة عن عدم مطابقة الخبر للمخبر عنه، فكذلك القدر المتعلق بالموجود والمعدوم.
قوله تعالى: ﴿أَنْ يُجَاهِدُوا... (٤٤)﴾
يحتمل أمرين متناقضين: إما أن يراد لَا يستأذنونك في القعود وكراهة أن يجاهدوا، أو لَا يستأذنونك في أن يجاهدوا.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً... (٤٦)﴾
ابن عرفة: فيها دليل لمالك القائل لاعتبار العادات ومراعاتها إذ بها تقرر الملازمة بين إرادة الخروج والإعداد، ففيها دليل على أن اعتبار العادة الفعلية وفيها قولان: لأن العادة جارية لمن يريد الخروج [يهيئ*] أسبابه.
قوله تعالى: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ).


الصفحة التالية
Icon