الإضراب على مذهبنا، قال: فالجواب أنه كان يمشي أما تصويره وخلقه كانت التزكية بفعل الله وإرادته وكل ما كان العمل الصالح ملزما للتزكية وكان بخلق الله وإرادته لزم أن تكون ملزومة، وهي التزكية بخلق الله وإرادته فالمضروب دعواهم التزكية، والمضروب به فعل ما يدل على التزكية ففرق بين التزكية بالدعوى الكاذبة، وبين التزكية بالأعمال الصالحة، فقيل لهم: إنما تحصل التزكية بالأعمال الصالحة التي هي بخلق الله تعالى لا بقولكم ودعواكم فالله يهدي من يشاء فيوفقه للعمل الصالح وعلى هذا يأتي قوله تعالى: (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) لَا ينقصون من ثواب عملهم شيئا ولا يزاد عليهم في إثم مخالفتهم بشيء، ومنهم من قال: المراد بالفتيل: الجوهر الفرد ليسلم من المفهوم أو ليس ثم ما هو أقل منه، ابن عرفة: ويجوز للإنسان أن يطلب من غيره ليعدله، وليس هو من تزكية نفسه.
قوله تعالى: ﴿كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ... (٥٠)﴾... ابن عرفة: إن كان المعمول الجملة فالنظر معنوي بمعنى العلم؛ لأن الافتراء قول لَا يتعلق به النظر، وإن كان المراد: انظر إليهم كيف يفترون، فالنظر حسي بصري، ابن عرفة: معناه ينسبون إليه الكذب أو يقولون الكذب فهو مضمن معنى فعل آخر.
قوله تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطاغُوتِ (٥١)﴾.. قال ابن عرفة: الظاهر أن الجبت الأصنام والطاغوت عبادتها.
قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢)﴾
المراد به الدوام؛ لأن الوسط مضارع وهو متكرر في المقدمتين فتقريرهم ملعونون، وكل ملعون لله لم تجد له نصيرا فهم لن تجد لهم نصيرا، والمراد يظنون أن لهم نصيرا، ولم يقل: ناصرا؛ لأن هذا موضع لَا ينفع فيه إلا النصير.
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ... (٥٣)﴾
(أَمْ) منقطعة، والهمزة قال الزمخشري: لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك، فأنكر ثم قال: فإذا لَا يؤتون أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذا لَا يؤتون مقدار نظير لفظ محلهم، ويجوز أن تكون الهمزة لإنكار أنهم قد أوتوا نصيبا من الملك، وكانوا أصحاب أموال وسيأتي وأنتم لَا تؤتون أحدهم فما تملكون شيئا.
قال ابن عرفة: يظهر الفرق بين الوجهين على صعوبته، أنه في الأول تسلط الإنكار على الجملتين الأولى والثانية فأنكر عليهم أن لهم نصيب من الملك فأنكر عليهم محلهم.


الصفحة التالية
Icon