قوله تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... (٥٥)﴾
وقال تعالى بعدها [(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ) *]؟.
قال ابن الخطيب: اللام هنا بمعنى (أَنْ)، فلا يصح أن تكون لام [كي*] لئلا يلزم عليه مذهب المعتزلة في أن [أفعاله تعالى*] معللة، وأنه إنما يفعل للغرض، قلت: أبطله الأستاذ أبو العباس ابن القصار بأنه لم يذكر أحد من النحاة كون اللام بمعنى إن، قال: والصواب إن كان يقول أنها زائدة، كما زيدت في قوله:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما... تمثل لي ليلى بكل سبيلِ
قال: لكن يرد عليه أنها ناصبة بإضمار (أن) بعدها؛ [فلما بينت*] عن (أن) ضعف كونها زائدة إلا أن يجاب بأن هذا الموضع ما يصح فيه إظهار (أن) أو إضمارها.
قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ).
ابن عرفة: قال في التي قبلها (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ) فجعل الفسق علة في عدم القبول، وإن جعله هنا مانعا من القبول، وجوابه أن الفاء فيما يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل العدم، وهناك نفي القبول فعلله بعلة واحدة وهي الفسق وهنا أثبته؛ لأن المنع إنما يكون لما ثبت ولأن القبول في اللفظ مثبت، لقوله (أَن تُقْبَلَ) فاستدل عليه بثلاثة أدلة، ولأن المنع من وجود المفسدة أقوى من العلة في عدمها؛ لأن المانع دافع لها بعد أن كانت في مادة الثبوت، ولهذا استدل ثلاثة أمور، وهي: الكفر، والكسل في الصلاة، وكراهة النفقة، قلت له: وفي الآية أسئلة:
الأول: ما فائدة الحصر؟ فقال: احتمال كون المانع من القبول قصدهم، والنفقة الرياء والسمعة مع كفرهم وكسلهم في الصلاة.
الثاني: لم عدل عن المفعول الصريح إلى الجملة وهي (أَنْ تُقْبَلَ).
الثالث: لم أخر النفقات عن المجرور؟
الرابع: أن القبول أخص من الإجزاء، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص ولا ينعكس، فهلا قيل: وما منعهم أن يجزيهم.
الخامس: ما يصنع إلا ما هو في طاقته وقبول نفقتهم ليس من كسبهم، فقال: سنته من كسبهم، وهذا السؤال إنما يرد إذا جعلنا فاعل منعهم ضمير عائد على الله،


الصفحة التالية
Icon