يؤخذ منه أن الصحابة لَا تستلزم الرؤية؛ لأن اسم الفاعل حقيقة في الحال، وهم حينئذ لم يروه وإنما يرونها في المستقبل.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨)﴾
مناقض لقوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ)، وأجاب ابن عرفة: بأن المراد: ما كنتم إيانا تعبدون عبادة مرضية لنا.
قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ... (٣١)﴾
يحتمل أن يكون خطابا للنبي صلى الله عليه رسلم، أو خطابا للجميع، فأمر كل واحد بأن يقول ذلك، قال: ولما تقدمها إنذار المشركين بما لحقهم من العذاب عقوبة على فعلهم القبيح، عقبه ببيان البرهان الدال على إبطال [معتقدهم*].
قال: وهذا يحتمل أن يكون كلا أو كلية؛ فيتناول ثلاثة أمور:
الرزق الخاص بالسماء، والرزق الخاص بالأرض، والرزق المشترك بينهما وهو النبات فإِنه من المطر بعد تغذيه بالتراب.
قوله تعالى: (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ).
بدأ أولا بالأمر الجلي الواضح لكل أحدث لأن كل أحد يحتاج إلى الغذاء، ولا يستطيع الصبر على الجوع بوجه فيظهر له الافتقار إليه بالبديهية في كل زمان بخلاف السمع والأبصار، فإِن دوامها غالب، وطرق الإعراض عنها قليلة ليس في كل زمان ولا لكل النَّاس بل لبعضهم فقط؛ فالافتقار إلى الغوث، ثم إن إخراج الحي من الميت أخفى فلا يدركه كل أحد، ثم تدبير الأمور وإرادتها أخفى من الجميع، ولذلك خالف فيها المعتزلة والقدرية.
ابن عرفة: وأفرد السمع وجمع الأبصار لوجهين: لفظي، ومعنوي؛ أما اللفظي؛ فلأن السمع مصدر يقع على القليل والكثير من جنسه، والبصر اسم غير مصدري.
وأما المعنوي؛ فلأن السمع يدرك به الإنسان الصوت من الجهات الست، والبصر لا يدرك به إلا ما يقابله فقط، ولذلك قدم؛ لأنه أشرف، وهذا دليل على أن العرض لا يبقى زمنين، وأنه في كل زمن يقدم البصر ويمده بأبصار جديدة كإعدام لون الثوب فسيقولون الله؛ لأنه لم يخالف في ذلك أحد، كما قال (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ).
قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ... (٣٥)﴾