لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) فقد يتوهم أنه تعالى مفتقر إلى أخذ الفداء؛ فنفى ذلك بقوله (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) الآية.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ... (٥٧)﴾
نقل ابن عرفة هنا كلام الزمخشري وابن عطية، ثم قال: ويحتمل عندي أن يكون المراد بالموعظة المعجزة، وبالشفاء الإيمان، وبالهدى فروعه، وكانت هدى؛ لأنها موصلة للسعادة، وبالرحمة حفظ الأموال والنفوس، وهي عامة بجميع المؤمنين، ووقع العطف على الترتيب والتأخير كما هو في الوجود الخارجي.
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا... (٥٩)﴾
يحتمل أن يكون من باب إطلاق السبب على المسبب؛ فيكون الرزق حقيقة في الطعام وأطلق عليه اسم الإنزال، ويحتمل العكس فيكون الرزق مجازا في الماء، والإنزال حقيقة، ولا دليل في الآية على أن الأشياء على الحظر والإباحة.
وقوله (مِنْ رِزْقٍ) قال أبو حيان: للتبعيض أو لابتداء الغاية، قلت: بل لبيان الجنس، ولا يصح التبعيض؛ لأن رزقا مطلق إذ هو في سياق الثبوت فيصدق بصورة وبعض رزق واحد لَا يعينه ليس برزق، فإن قلت: إنه رزق، قلت: أقول لفظ البعض يتناوله، فإذا بعضته لم يكن جزاء رزقا.
قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ... (٦٠)﴾
قال أبو حيان: العامل في يوم ظن، قلت: هو المفعول الأول، والثاني: محذوفا.
قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ).
وقال: في سبأ (وَقَلِيل مِنْ عِبَادِيَ الشكُورُ) فينفي الشكر الخاص عن القليل، وهل الكثير هو الأكثر أم لَا؟ قال ابن عرفة الكثير هو الأكثر.
قلت: بل هو لقوله تعالى: (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ)، فسمى النصف قليلا؛ فإذا كان قليلا فليس هو كثير فالكثير أنه إنما يصدق على ما فوق النصف، وكذلك الأكثر.
قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا).


الصفحة التالية
Icon