ابن عرفة: كان بعضهم يقول: معناه فإن كنت في شك من كيفية مما أنزلنا إليك من اختلافهم؛ لأنه أنزل إليه الآية التي قبلها، وهي (فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ) أي فإن وقع عندك شك في كيفية اختلاف الأمم السالفة، (فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ) يخبروك بكيفية اختلافهم، ابن عرفة: ويؤخذ من الآية أحد أمرين: إما أن خبر التوراة يفيد العلم، ولنا جواز العمل بخبر الواحد؛ لأن المسؤلين إما بالغون عدد التواتر أو لا.
قوله تعالى: (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).
ابن عرفة: الافتراء أخص من الشك؛ لأن الشك هو التردد في أمر دليل قابل للظهور والخفاء، والافتراء هو التردد في أمر دليله ظاهر قوي لَا يخفى على أحد، ويؤيد ذلك قوله (لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ).
قوله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ... (١٠٢)﴾
إما أن يراد فهل يقصدون في الانتظار بكم إلا مثل ما حل بالأمم السالفة، أو يراد فهل حالهم في الانتظار لما يحل بهم إلا حال الأمم السالفة فهذا انتظار عن غير قصد.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ... (١٠٧)﴾
ابن عرفة: عادتهم يقولون: لم عبر في الأول بالمس وفي الثاني بالإرادة؟ فعادتهم يجيبون بأن المس أبلغ من إرادة المس، فقصد في الأول تعليق الشرط بأقوى الأمور؛ لأنه لَا يفتقر إلى الشفيع والمكاشف إلا [عند*] عظائم الأمور، وسرائرها وأما [الخير*] فقصد فيه التنبيه على أنه إذا وقع بك قليله، فلا راد لفضله، واسع كثير يأتي بأكثر منه [ولا راد له*].
قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ... (١٠٨)﴾
يؤخذ منها منع الوصية بالحج مع أن مالكا أجازها ومنع الاستئجار على الحج في الحياة.
قوله تعالى: (وَاتَبعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ).
يؤخذ منه أنه - ﷺ - ليس بمجتهد، قلت: وتقدم لابن عرفة فيها في الختمة الأخرى بما نصه قوله (وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ) أي يظهره، قوله (بكَلِمَاتِهِ) يحتمل معنيين: إما بوعده بالنصر عليهم فيظهرهم الآن، وإما بقوله (كُنْ فَيَكُونُ) قوله (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا


الصفحة التالية
Icon