ابن عرفة: يؤخذ منها بأن الشك ليس هو أول الواجبات بل أولها النظر؛ لأنه في الآية منهي عنه، فلو كان واجبا لما صح النهي عنه يقول: الواجب غير منهي عنه فليس بواجب، وأجيب بأن ذلك في الشك المطلق، وهو في الآية مقيد بشيء خاص.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى... (١٨)﴾
مع قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ) متناقض والجمع بينهما بوجهين: إما بتساويهما، وإما بأن أحدهما عام مخصوص.
قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ).
[لم يقل*] (على الله)، مع أنه المناسب في الآية، فالجواب أن عصيان المحسن إليك أشد وأشنع من عصيان العادل فيك، [فالعرض*] على من أسأت إليه، وهو يحسن إليك أشد بأسا من العرض على من أسأت إليه وهو يعدل فيك.
قوله تعالى: ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا... (١٩)﴾
فسر ابن عرفة بوجهين: إما ويبغون العوج فيها، أو ويبغون العوج لغيرهم؛ وهو إبعاده عنها، وقال ابن عطية (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا) أي يطلبون الوصول إليها بطريق وهو قولهم (مَا نَعْبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى).
قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ... (٢١)﴾
أي خسروا نجاة أنفسهم وهذا مثل ما قالوا في قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) إلى قوله (ثُمَّ أنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) فيه الإنباء بما يأتي، أو التهكم بما يأتي؛ لأنه يأتي بلفظ يستدل به على ما يأتي بعده؛ فلذلك قال عبد الله بن سعد بن أبي سرح (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) قيل له: كذا [نزلت*] فارتد عن الإسلام ثم أسلم [وحسن*] إسلامه.
قوله تعالى: (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ).
تأسيس والمراد أن الإنسان في الدنيا إذا نالته مشقة فإنه تأتيه أصحابه وأقاربه فيسألونه ويصبرونه، ويأخذون بقلبه، وهؤلاء في الآخرة يذهب عنهم جميع من كانوا يعتقدون أنه ينفعهم.
قوله تعالى: ﴿وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ... (٢٣)﴾